شكل الانفجار الذي وقع في العاصمة اللبنانية بيروت، الثلاثاء، صدمة للعالم أجمع، نظرا لشدة آثاره التي دمرت نصف المدينة، وضخامته التي امتدت إلى جزيرة قبرص، حيث شعر السكان بالهزة التي أحدثها، لتعيد إلى الأذهان مشاهد الدمار التي خلفتها تفجيرات سابقة بقنابل أو مواد كيماوية.
وسارع مسؤولون لبنانيون ووسائل إعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتشبيه ما حدث بأنه أقرب لـ”انفجار قنبلة نووية”، فأين يقع انفجار بيروت ضمن قائمة أشد الانفجارات فتكا؟.
بداية، تبين حسب السلطات اللبنانية أن الانفجار ناجم عن 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم، شديدة الانفجار، كانت مخزنة منذ سنوات في أحد مخازن الميناء.
ويفسر هذا الرقم شدة الانفجار، التي أدت إلى مقتل 135 شخصا وإصابة أربعة آلاف آخرين، فضلا عن إلحاق أضرار جسيمة بنصف منازل ومباني العاصمة اللبنانية، بحسب محافظها مروان عبود.
وربط كثيرون بين الانفجار والقنبلة النووية، بسبب شكل سحابة الفطر التي خلّفها، والدمار الهائل الذي أحدثه.
ويقول المتخصص في الانتشار النووي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فيبين نارانغ في تغريدة على “تويتر”: ” أنا أدرس الأسلحة النووية. ما حدث ليس كذلك”.
وعلى المنوال نفسه، رفض الباحث في التاريخ البشري للأسلحة النووية، مارتن فايفر “نظرية هيروشيما”، وقال في تغريدة على “تويتر”: “من الواضح أنه (انفجار بيروت) ليس نوويا”.
ورأى أن الكارثة وقعت بسبب حريق أدى إلى اشتعال المتفجرات، أو انفجار مواد كيماوية.
وقال إن انفجار بيروت يفتقد إلى بصمتين تميزان الانفجار النووي، هما: وميض شديد البياض يعمي العيون، والنبض الحراري أو بكلمات أخرى، الارتفاع الهائل في درجات الحرارة، مما يؤدي إلى وقوع حرائق في كل المنطقة المحيطة بحيث يحرق جلد الناس هناك.
وأضاف أن سحابة الفطر “ليست حكرا” على القنابل النووية، وإن كانت تعرف بها.
لكن الانفجار الذي حدث في بيروت، يفوق أقوى الأسلحة التقليدية غير النووية التي اخترعها البشر، وهي “أم القنابل”.
وبحسب موقع “بيزنيس إنسايدر” الأميركي، فإن انفجار نيترات الأمونيوم في بيروت 10 أضعاف أم القنابل، أو ما يوازي 240 طنا من مادة “تي إن تي” شديدة الانفجار.
لكنه في الوقت نفسه، أقل من القنبلة النووية “الولد الصغير” التي ألقاها الجيش الأميركي على مدينة هيروشيما اليابانية عام 1945 بـ 1000 مرة.
واحتلت كارثة مرفأ بيروت مرتبة متوسطة في الخسائر التي سببتها مواد نيترات الأمونيوم خلال مئة عام، بحسب إحصاء لوكالة “فرانس برس”.
فبعض الانفجارات أدت إلى مقتل 15 شخصا، كما في حالة كارثة مصنع الأسمدة بولاية تكساس عام 2013، وبعضها أدى إلى مقتل561 شخصا كما حدث في انفجار مصنع بألمانيا عام 1921.
ومن أبرز الانفجارات التي وقعت بسبب مادة نيترات الأمونيوم:
- انفجارات مدينة تيانجين الصينية:
انفجارات وقعت عام 2015، في مستودع بمدينة تيانجين الصينية، راح ضحيتها 173 قتيلا و798 جريحا.
- انفجار مدينة تولوز الفرنسية:
عام 2011، وقع انفجار في مصنع AZF للبتروكيماويات، في مدينة تولوز الفرنسية، مما أدى إلى مقتل 29 شخصا وإصابة 2500 آخرين.
- تفجير إرهابي بأوكلاهوما الأميركية:
أما في عام 1995، فقد أودى تفجير إرهابي في أوكلاهوما الأميركية باستخدام هذه المادة، بحياة نحو 170 شخصا، من بينهم أطفال، كما أدى إلى جرح المئات.
- انفجار مدينة تكساس الأميركية:
وفي مدينة تكساس الأميركية، عام ألف وتسعمئة وسبعة وأربعين، أدّى انفجار شحنة من مادة نيترات الأمونيوم، إلى سقوط 580 قتيلا، وإصابة حوالي أربعة آلاف بجروح.
واليوم، ينضم لبنان إلى قائمة الدول التي عانت من ويلات الانفجارات التي سببتها نيترات الأمونيوم، وهي مادة نستخدمها في حياتنا اليومية، إلا أنها قد تتحول في أية لحظة إلى قنبلة موقوتة، تخلف حوادث غامضة تجوبها أسئلة كثيرة.