عندما نرغب في التعمق في أسباب السلوك المتطرف وتبعاته، لابد لنا من إلقاء نظرة على البواعث الكامنة وراء هذا النوع من السلوك العنيف.
ولكي يتأتى ذلك، لابد من تتبع الجذور التي نشأت على أساسها هذه الأفكار وتلك المبادئ. نتعرض في هذا الملف بالشرح والتحليل الأبرز المبادئ الفكرية التي تبنتها الحركات الأصولية القديمة والمعاصرة، واعتمدتها كأسلوب أو كمنهجية للتعامل مع الآخر. وعندما نقول الآخر، نقصد هنا المجتمع ككل، فأعضاء هذه الحركات ينظرون للمجتمع ككل على انه مجتمع غیر مسلم، وكأن الإسلام مقتصر على أعضاء الحركة أو التنظيم فقط لا غير، ومن ثم تنبع مسؤولية كل عضو منهم في نشر الإسلام في المجتمع (الكافر من وجهة نظرهم) بشتى الطرق.
• حسن البنا، وسيد قطب وغيرهم الكثير….. هم مؤسسين بارزين للمبادئ الدموية والعقائد الفاسدة التي يعتبرها الأصوليين والمتطرفين دستورة حاكمة لكل مناحي حياتهم، بل وتعاملاتهم اليومية. فما قدموه هو حمولة فكرية آثمة وثقيلة، هذه الحمولة الفكرية بتقاطعاتها، تجعل مصطلحات سيد قطب مثلا مثارة للجدل المستمر.
ویتنازع في تفسيرها والفقهاء والمثقفون على السواء من بعده. • ولكن، من هو الأب الروحي لسيد قطب؟ من هو الملهم بالنسبة اليه؟ فإذا أردنا المزيد من التعمق والتأصيل الفلسفي للفكرة المتطرفة في جوهرها، فلا بأس أن ننظر ولو حتى بشكل خاطف في سيرة أبي الأعلى المودودي. فعندما أسس المودودي ما يسمى ب “الجماعة الإسلامية” في لاهور بباكستان عام 1941، وضع كتابه التأسيسي “المصطلحات الأربعة في القرآن: الإله والرب والدين والعبادة “. ونشر فصوله بعد ذلك، تباعا، في مجلة “ترجمان القرآن”.
في هذه الأعمال تبرز ملامح الجاهلية التي ظهرت بقوة مع سيد قطب، وتتجلى نقطة مهمة وهي فكرة الانفصال عن هذا المجتمع الجاهلي، وذلك من خلال تأسيس “جماعة مؤمنة” دورها يتجلى في تصحيح المسار وتعيد المجتمع إلى إسلامه ورشده وفي ذلك يقول: “لا بد من وجود جماعة صادقة في دعوتها إلى الله، جماعة تقطع كل صلاتها بكل شيء سوى الله وطريقه جماعة تتحمل السجن والتعذيب والمصادرة، وتلفيق الاتهامات، وحياكة الأكاذيب، وتقوی على الجوع والبطش والحرمان والتشريد، وربما القتل والإعدام.
جماعة تبذل الأرواح رخيصة، وتتنازل عن الأموال بالرضا والخيار”، مما يعني أن سيد قطب عمل على تكثيف أطروحات المودودي خاصة في نظرية الحاكمية “وأصل لها حتى استوت على سوقها بالشكل الذي قدمه سید قطب، وشكلت منهج أساسية فيما هو متعارف عليه من بعده بالمدرسة القطبية”، فسيد قطب يعد تلميذة مخلصة له وامتداد طبيعية للأفكار المودودي.
قراءة في بعض الميادين الأساسية للفكر المتطرف الحاكمية
• لم يكن سيد قطب مبتدعة فيما طرح من تصورات فكرية إسلامية أصولية ؛ إذ كانت هناك إرهاصات تسبقه بخطوات قليلة أثرت بشكل أو بآخر في تشكله الفكري الأصولي، كان أبرزها أطروحات ورؤى وأفكار العالم المسلم الشهير أبي الأعلى المودودي، الذي كان له عميق الأثر على التكون المعرفي والمنظور الإسلامي لسيد قطب، خاصة في بلورة رؤيته حيال المجتمعات المسلمة المعاصرة، وتقسيماته التي تأرجحت بين الجاهلية والإسلام، فضلا عن القضية الأبرز لدى سيد قطب ممثلة في “مسألة الحاكمية” وهي أول وأهم المبادئ لدى العقائد التكفيرية والمتطرفة .
التي شغلت مساحات فكرية كبيرة، وسببت أزمة كبرى وإشکالات داخل الحركة الإسلامية المعاصرة. • يذهب المودودي إلى أن الطريق في سبيل الوصول إلى تحقيق “توحيد الحاكمية” هو استخدام السبل والآليات كافة لتحقيق تلك الغاية. وذلك لكون الإسلام يعارض الممالك القائمة على المبادئ المناقضة للإسلام.
مكمن الأمر هنا ليس فرض عقيدة الإسلام على غير المسلمين وإجبارهم على اعتناق مبادئ الإسلام، وإنما انتزاع زمام الأمر ممن يؤمنون بالمبادئ والنظم الباطلة من أجل تسيير الأمور،فيما يتناسب مع جوهر الإسلام ولب عقيدته المتمثلة في استتباب الأمر لحملة لواء الحق. • وانطلاقا من هذه الرؤية يتضح للمودودي أنه لا توجد دار للإسلام تحدها حدود أو تعزلها جدران عمن سواها، إنما الأرض كلها دار للإسلام لا بد وأن تخضع لإرادته (الأمر الذي يفسر أن الحركات الإرهابية الحديثة كداعش والقاعدة لا تعترف بالحدود أو سيادة الدول)، وبالتالي يشرعن وجود قوة تذود عنه وتحمل لواءه ورايته حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله”.
وتظهر هذه القوة في “الجماعة المؤمنة”. ويبرز هنا حجم التقاطع المودودي – القطبي في إبراز دور وآليات “الجماعة المؤمنة” والتشديد عليها، حتى أصبحت القاعدة الصلبة في مشروع سيد قطب، كما اتضحت معالمها كاملة فيما تضمنه كتابه المهم “معالم في الطريق” • وترتكز الحاكمية في ثوبها القطبي على دعامتين رئيستين، أولهما: إيضاح طبيعة الحاكمية وصيغها وآلياتها المتمثلة في كونها تعني أن الله هو الحاكم الأوحد ذو السلطة المطلقة، نابعة من أن الله هو الخالق للكون وللإنسان، وأنه مستحق للعبادة والطاعة، والطاعة حق ينفرد به الخالق حصرية، ومن ثم يمنحه لمن شاء بالحدود التي يشاء.
ويفهم من ذلك أن النبي والحاكم والأب والزوج طاعتهم ممنوحة ومشروطة. وقد أمر الله أن يتحاكم المجتمع إلى شريعته التي تصلح لكل زمان ومكان، وهي تملك الصلاحية الكافية لتقويم وصلاح ونفع أي مجتمع بإشاعة العدل والنفع والخير والبعد عن الأهواء البشرية.
• الدعامة الثانية: تتمثل في (التمكين) وكيف يتأتى ذلك، من خلال تحصيل القوة اللازمة لتقويم المجتمعات وحملها على التحاكم إلى شريعة الله، وفي هذا يقول سيد قطب في الظلال: “إن هذا الدين إعلان عام لتحرير الإنسان في الأرض من العبودية للعباد، ومن العبودية لهواه أيضا وهي من العبودية للعباد، وذلك بإعلان ألوهية الله وحده سبحانه وربوبيته للعالمين.
• إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمین معناها: الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها، والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض الحكم فيه للبشر بصورة من الصور، أو بتعبير آخر مرادف الألوهية فيه للبشر في صورة من الصور؛ ذلك أن الحكم الذي مرد الأمر فيه إلى البشر ومصدر السلطات فيه هم البشر هو تأليه للبشر، يجعل بعضهم بعضا أربابا من دون الله.
إن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله الذي تم التجرأ عليه، ورده إلى الله وطرد المتجرئين عليه، الذين يحكمون بشرائع من عند أنفسهم فيقومون منهم مقام الأرباب ويقوم الناس منهم مقام العبيد، إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض”. وهنا تكمن ثورية أفكار سيد قطب، وكيف تلقفتها الحركات الجهادية من بعده تباعة.
الجماعة المؤمنة • تعتبر هذه واحدة من المفاهيم التي شكلت بطبيعتها خطوطا لتقسيم المجتمع على أسس دينية داخل اتباع الدين الواحد بل والمذهب الواحد، حيث قامت على خلق ما يعرف ب ” جماعة المسلمين”، أو “المؤمنين”، أو “السلف”، أو “الطائفة المؤمنة”، في مواجهة “الكفار”، أو “ذوي العقيدة الفاسدة”، أو حالة “الجاهلية الأولى”. • يستوي في ذلك الإخوان المسلمين مع غيرهم من الجماعات التكفيرية أو الدعوية أو جماعات السلفية الجهادية، بدرجات مختلفة قربة أو بعدة من درجة تكفيرهم الضمني أو الصريح للفرد والمجتمع والدولة.
وعلى سبيل المثال، ارتكزت التيارات السلفية إلى مفهوم أتباع السلف الصالح في مواجهة أصحاب العقائد الفاسدة من التيارات الأخرى بما فيها التيارات الدينية الأخرى مثل المتصوفة.
• واستندت جماعات التكفير والهجرة وجماعات التبليغ والدعوة، والحركات الجهادية العنيفة إلى مفهوم “الجماعة المسلمة” أو “العصبة المؤمنة” في مواجهة الدولة الكافرة والمجتمع المرتد عن الإسلام إلى حالة الكفر والجاهلية الأولى، حتى وإن كانت الأولى (التكفير والهجرة) قد رأت هجرة هذا المجتمع واعتزاله، بينما رأت الثانية (التبليغ والدعوة دعوته إلى الإسلام من جديد بالحكمة والموعظة الحسنة، بينما رأت الثالثة (السلفية الجهادية العنيفة) الجهاد ضد الدولة أو المجتمع أو كلاهما.
• لقد اكتسب مفهوم “الجماعة” أهمية خاصة منذ أن خرجت “الجماعة الإسلامية” في أوائل السبعينات من كليات القاهرة في مساحة الحرية التي منحها الرئيس المصري “أنور السادات” للإخوان المسلمين بعد سنوات من التضييق عليهم في عصر عبد الناصر، لينتشر فيما بعد مصطلح “الجماعات” كالفطر في أنحاء عديدة من العالمين العربي والإسلامي. وترسخ المفهوم بشكل كامل مع بروز “الجماعات الإسلامية المسلحة” في بداية التسعينات في كل من مصر والجزائر خاصة، وأصبح تعبيرا أيدلوجيا – دینية وحتى عسكرية؛ يتجاوز مفهومه القرآني الأول الذي يعبر عن “المجموعة المؤمنة” ليصبح تعبيرا عن تكتل حزبي منغلق بين مجموعة من المؤمنين بالمفهوم الذي حدده سید قطب في كتابه “معالم في الطريق”؛ عندما وضع الجدار الفولاذي بين ما اسماه “المجتمع الإسلامي” المناقض لما أطلق عليه “المجتمع الجاهلي”. . جدير بالذكر أنه رغم احتفاء النص الديني ب “الجماعة”، والتطور الذي عرفه في تاريخنا
الثقافي والسياسي الراهن؛ فإن النص المحوري أعطى مكانة مهمة للفرد تم مسحها تاريخية بشكل متعمد عبر طغیان مفهوم الجماعة. وربما لا نبالغ إن قلنا إن مفهوم الفرد في القرآن يوازي مفهوم الجماعة بل يتجاوزه من حيث الأهمية عن طريق مخاطبة “النفس” التي هي مركز عملية الإصلاح الديني؛ باعتبارها مستقلة عن الانتماء الجماعي ومنفصلة عنها.
بل إن الخطاب القرآني يكشف لنا عن الأهمية الكبرى للفرد في “الجماعة المؤمنة” ذاتها:
أي قضية الميعاد والحياة ما بعد الموت. • فالجماعة التي انخرطت في مشروع “الوحدة” في الحياة الدنيا سوف تتخلى عن أفرادها يوم الميعاد، وتترك الفرد وحيدة يواجه مصيره منقطعة و”منعزلا وتعيسا”، أي غريبة عن أي انتماء جماعي “إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا” (مریم: ۹۳-۹۰).
ولا يتردد النص في تذكيرنا بأن عزلة الميعاد قد سبقتها عزلة من نوع آخر لما أتى ابن “الجماعة” هذا إلى الوجود وحيدة في العالم “ولقد جئتمونا فرادی كما خلقناكم أول مرة” (الأنعام: 94). • بين نقطة البداية وهي المولد ونقطة النهاية أي يوم الحساب، يجد الإنسان نفسه في الحياة بين “الجماعة المؤمنة” ولكن النص وحتى في هذه المرحلة يعطي مكانه للفرد ولاستقلاليته الذاتية منفك عن ضغوطات الجماعة، باعتباره هو الوحيد المقرر أفعاله “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها” (الشمس: ۷-۸)، بل إن الخطاب القرآني لا يتردد في التخلي عن نزعة الكثرة والجماعة في أكثر من موضع “أكثرهم لا يعلمون” و”أكثرهم لا يعقلون”. هذا الذم للأكثرية التي تنبذ العلم وتعادي منطق العقل نجده يتردد في قصص الأنبياء الذين كانوا بمثابة “الثائرين” ضد منطق الجماعة والقبيلة والتقاليد الراسخة.
تكفير المجتمع الجاهلي • الإسلام – عند سید قطب – لا يعرف إلا نوعين اثنين من المجتمعات، مجتمع إسلامي ومجتمع جاهلي.
المجتمع الإسلامي : هو الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة، شريعة ونظاما، وخلقا وسلوگا. والمجتمع الجاهلي: هو المجتمع الذي لا يطبق فيه الإسلام، ولا تحكمه تصوراته وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه، وخلقه وسلوكه. ليس المجتمع الإسلامي هو الذي يضم ناسا ممن يسمون أنفسهم “مسلمين”، بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون هذا المجتمع، وإن صلى وصام وحج البيت الحرام. وقد يكون المجتمع – إذا لم يطبق الشريعة – مجتمعا جاهليا حتى ولو أقر بوجود الله – سبحانه-، وحتى لو ترك الناس يقيمون الشعائر لله في البيع والكنائس والمساجد وذلك طبقا لما أورده قطب في كتابه.
• پری سید قطب أن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم، أي كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده، متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي، وفي الشعائر التعبدية، وفي الشرائع القانونية. وبهذا التعريف تدخل في إطار “المجتمع الجاهلي” جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فع؟! . لذلك، فإن مبدأ (تكفير المجتمع الجاهلي) هو مبدأ جزئي يخدم بالأساس المبدأ الأول والأبرز والاهم لدى جميع الحركات المتأسلمة والمتطرفة، ألا وهو (الحاكمية).
وإذا أردنا تلخيص نظرية الحاكمية عند سید قطب والمودودي فعلينا ربطها بتكفير المجتمع الجاهلي، فنقول: إنها تكفير للمجتمعات كلها، بما فيها المجتمعات المسلمة واعتبارها “جاهلية” تعبد غير الله بسبب طاعتها للأنظمة لا تطيع الله ولا تقيم شرع الله، وتتخذ أنفسها من دون الله أربابة، وكذلك بسبب قبولها بتشريعات وضعها بشر وأنظمة غير الله. كما يدعو قطب إلى ثورة شاملة على حاکمية البشر لتحطيم مملكة البشر وإقامة مملكة الله في الأرض، وذلك بإزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاکمية البشر.
• لقد زعم قطب أن المجتمعات التي تعيش فيها الأمة الإسلامية الآن هي “مجتمعات جاهلية”.
فيقول في كتابه “معالم في الطريق”: “إن العالم يعيش اليوم كله في (جاهلية) من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها، هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية، وهي الحاكمية… إنها سند الحاكمية إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أربابة، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع، بمعزل عن منهج الله للحياة، وفيما لم يأذن به الله، فينشأ عن هذا الاعتداء على سلطان الله اعتداء على عباده.
• استنادا إلى هذا المبدأ، نفى “حسن البنا” شرعية الحكومات القائمة – في عصره – لقيامها على أسس غير إسلامية. ثم بلغ الأمر غايته عند سيد قطب، فحكم على المجتمعات كلها بأنها “جاهلية” وعلى الأمة الإسلامية” بأنها “منقطعة عن الوجود” و”غائبة عن الشهود”، ونفى الإسلام عن المجتمع الذي لا يقر “بالحاكمية” حتى ولو “صلى وصام وحج البيت الحرام”. الكذب المبرر باستخدام مبدأ التقية للإخوان المسلمين مرشد هو بمثابة الأب الروحي لهم وهو يشابه في وجوده المرشد الروحي في إيران. ويتشابه الإخوان المسلمين مع الإيرانيين في استخدامهم للتقية. فما هو مبدأ التقية؟ المبدأ في الأصل هو مبدأ شيعي. التقيه تأتي بمعنى الزندقة والنفاق كلها نفس المعنى ألا وهو إظهار المحبة وإخفاء الكره والزندقة أو إظهار الإسلام وإبطان الكفر عرفها أحد علمائهم المعاصرين بقوله: (التقية) هي أن يقول الإنسان أو يفعل غير ما يعتقد، لكي يدفع الضرر عن نفسه أو ماله أو ليحتفظ بكرامته.
خلاصة ما سبق.
• هاتان الفکرتان: “الجاهلية” التي أصابت المجتمعات الإسلامية -بل البشرية كافة -والتحرر منها والانعتاق من أسرها بتطبيق “الحاكمية”، هما الفکرتان الرئيستان في منهج سید قطب الفكري، وهما الإضافة التي زود بها سيد قطب نهر الفكر السياسي الإسلامي. وحول هاتين الفكرتين تدور كل الأفكار الأخرى التي تصادفنا في كتب سيد قطب، وفي مقالاته، بل وفي تفسيره للقرآن الكريم “في ظلال القرآن”، وليس ذلك فقط، بل هما أساس كل الأفكار والآراء المتطرفة التي ستظهر بعد ذلك على الساحة حتى وقتنا الحاضر.
• من باب هاتين الفكرتين القطبيتين دخلت إلى الفكر السياسي الإسلامي وإلى العمل الحركي جميع أفكار المقاطعة والتكفير والاستحلال واستباحة الدماء والأموال، وعشرات النتوءات الفاسدة التي تسبت إلى الإسلام ظلما وزورا، وشوهت صفحته الناصعة بخطايا أصحابها التي لا يزال المفكرون والفقهاء والدعاة يجاهدون لنفي صلتها بحقائق الإسلام.
تنظيم الإخوان وعلاقته بالحركة الماسونية العالمية
هي حركة سرية عالمية، عرفت بغموض النشأة والأهداف، وهي واسعة الانتشار والنفوذ، وبينما يرى الكثير أنها يهودية أو ذات ارتباط وثيق بالصهيونية. كلمة الماسونية مأخوذة من كلمة فرنسية بمعنى البناؤون الأحرار، وهي من المنظمات التي يرتبط أعضائها باشتراكهم في مهنة واحدة ألا وهي مهنة البناء. هذا هو التعريف الخاص باللغة، أما عن التعريف الآخر فهو التعريف الخاص بالاصطلاح، حيث تعرف على أنها منظمة من المنظمات اليهودية التي تعمل في سرية شديدة أكثر من غيرها من منظمات العالم كله، وهي معروفة أيضا ومشتهرة بين الجميع بأنها إحدى المنظمات الهدامة والتي تهدف للسيطرة على العالم بالتدريج والسعي
لإعادة بناء ما تعتقد أنه “هیکل سلیمان”.
حسن البنا والماسونية • من المثير للاهتمام أن اسم “حسن البنا” مؤسس الجماعة الإرهابية لا يوجد به من الأساس لقب البنا، فهل ثمة علاقة ما بين هذا اللقب وجوهر الماسونية، التي تعني البناؤون الأحرار؟ حيث أن الاسم الحقيقي لحسن البنا هو “حسن أحمد عبد الرحمن الساعاتي”، ليصبح بعد ذلك لقبه حسن البناء وفق المنهج الماسوني والذي تم تداوله بعد ذلك باللهجة العامية المصرية ب “البنا.” • ويفيد ثروت الخرباوي، أحد المنشقين عن الجماعة بأن (البنا) يهودي الأصل، من أب يهودي وأم يهودية، وهو ليس مصريا وإنما مغربي الأصل، قدم إلى مصر هربا من الحرب العالمية الأولى، وتلقفته الجماعات اليهودية في مصر، ووفرت له المأوى والعمل، حيث التحق والده بهيئة السكة الحديد في مهنة إصلاح ساعات الهيئة، وهي المهنة التي كان يحتكرها اليهود في مصر. وقد أضاف له والده كلمة البنا بأمر من الجماعة الماسونية المصرية اليهودية حتى يكون للتنظيم الماسوني فرع في دولة عربية كبرى مثل مصر.
تشابه طقوس البيعة في تنظيم الإخوان مع الحركة الماسونية.
• طقوس البيعة في الجماعة الإرهابية تعتمد على أن يدخل الإخواني المنضم للجماعة الإرهابية التقديم البيعة في غرفة مظلمة، بها طاولة صغيرة يوجد عليها المصحف والمسدس، المصحف رمز للدين، والمسدس رمز للحكم والقوة.
ويأتي شخص يرتدي قناع أسود ليخفي معالم وجهه ويجلس أمام المبايع الجديد ليأخذ منه البيعة، دون أن يكون معروف من هذا الشخص على وجه التحديد، وهذه الطريقة لتقديم البيعة في الجماعة الإرهابية هي ذات الطريقة التي يتم اعتمادها لتقديم القسم في الجماعات الماسونية، وعند أداء قسم البيعة يضع يده على المصحف واليد الأخرى على المسدس ويقسم الولاء والطاعة.
• أما في طقوس الولاء للماسونية يتم إدخال العضو الجديد معصوب العينين إلى غرفة مظلمة يكون فيها الأخ الأكبر يرتدي رداء اسود يغطي كامل جسده وقناع اسود يخفي ملامح وجهه، وتوجد طاولة عليها كتاب مقدس بتعاليم الماسونية وفوقه يوضع نوع من أنواع الأسلحة غالبا ما يكون مسدس ويضع الماسوني الجديد يده على الكتاب والمسدس ويؤدي القسم، فيما تعني العصابة الموضوعة على عين الماسوني الجديد التبعية الكاملة والطاعة الكاملة وإلا كان مصيره القتل (یکون خلف الماسوني الجديد قبر رمزي للدلالة على الموت قتلا اذا ما فكر الانسحاب أو عدم طاعة الأوامر).
| • وتجدر الإشارة إلى أن المرشد الأسبق للجماعة الإرهابية حامد أبو النصر ذكر في كتابه (حقيقة
الخلاف بين جماعة الإخوان المسلمين وعبد الناصر) بأن حسن البنا أعطاه العهد على المصحف والمسدس في منزله في منفلوط، وان هذه البيعة تتم بشكل سري خاصة الأعضاء التنظيم السري للجماعة الذين يتدربون على عمليات الاغتيال والقيام بالعمليات الإرهابية.
ختاما……
كانت هذه رحلة في أعماق ركائز الفكر الأصولي للحركات المتأسلمة والمتطرفة، التي تبدأ بتنظيم جماعة الإخوان المسلمين ثم يمتد الخط على استقامته ليشمل كافة الحركات الفكرية والتنظيمات المختلفة التي توالت في الظهور منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى تاريخه. ونستطيع أن نرى من خلال تجولنا بين ابرز مبادئ هذا الفكر كم أن ما تم بناؤه على باطل فهو باطل، وكم أن الركائز المنحرفة منهجية والتي تتميز بالشذوذ والشطط الفكري عن طبيعة الفطرة الإنسانية للبشر قبل أن تكون الفطرة الإسلامية السليمة، قد أسهمت في تدهور هذا الفكر بشكل تراكمي شيئا فشيئة الأمر الذي يجعله فكرة سامة ومدمرة للمجتمعات كافة، وواجب علينا جميعا كمجتمع ودولة ومؤسسات أن نسعى إلى التصدي إلى هذا الفكر بكافة الوسائل وبكل ما أوتينا من قوة، فليس لدينا أهم وأغلى من عقیدتنا السمحة الكريمة وأوطاننا وأبناءنا لندافع عنهم أمام هذا الطوفان الفكري الأسود.