على مدار سنوات طويلة ظل اسم “وضاح خنفر” يتردد بقوة في أروقة الحكم القطرية وبين قيادات الصف الأول للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وفروعه المختلفة بالشرق الأوسط والعالم، وذلك لدوره المهم في تنفيذ أجندات التنظيم الدولي التي تتسق بشكل كامل مع الأهداف القطرية لزعزعة الاستقرار بعدد من دول المنطقة، وذلك عبر رئاسته قناة “الجزيرة” المنبر الإعلامي الأقوى والأهم لبث السموم القطرية والإخوانية.
من مراسل إلى مدير الجزيرة
هو وضاح أبو أحمد خنفر، ولد في 20 سبتمبر عام 1968 بقرية الرامة التي تقع بين قرية عجة وكفر راعي جنوب غرب جنين الفلسطينية، وحصل على بكالوريوس الهندسة من الجامعة الأردنية عام 1999، والتحق بعدها بقسم الفلسفة بكلية الآداب، وتولى إدارة اللجنة التحضيرية لاتحاد طلبة الأردن، وأكمل الدراسات العليا في السياسة الدولية والدراسات الأفريقية بجنوب أفريقيا.
أثناء دراسته في جنوب أفريقيا كان يدير تنمية الموارد البشرية للاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية (إيفسو)، وهي المنظمة المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وأحد أذرعه في القارة السمراء، وأصبح مراسل الجزيرة في جنوب أفريقيا وقام بتغطية عدد من الأحداث الأفريقية، وانتقل إلى الهند عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 لتغطية الحرب الأمريكية على أفغانستان لمدة 5 أشهر، وخلال تلك الفترة استطاعت الجزيرة من خلال وسطائها هناك عمل لقاءات حصرية مع تنظيم القاعدة، وكان أشهرها الحوار الحصري مع أسامة بن لادن الذي أجراه “يسري فودة” مقدم برنامج “سري للغاية”.
وعقب سقوط حركة طالبان وقصف مكتب الجزيرة في كابول انتقل “خنفر” للعمل كمراسل الجزيرة في العراق، وقام بتغطية الحرب الأمريكية على العراق من الشمال العراقي، وانتقل إلى بغداد بعد سقوطها وأصبح مدير مكتب الجزيرة بالعراق، وقدم برنامج “المشهد العراقي” الذي كان يذاع على الهواء مباشرة، حتى عُيّن مديرًا لقناة الجزيرة في عام 2003 خلفًا لـ”جاسم العلي” وانتقل للدوحة حينها، وفي عام 2006 أصبح مديرًا عامًا لشبكات الجزيرة التي تضم جميع المؤسسات والكيانات والقنوات التي تحمل اسم الجزيرة بما فيها القنوات الرياضية.
رئاسة الجزيرة وتحول خطابها الإعلامي
بعد تولي “خنفر” رئاسة الجزيرة أصبح الارتباط بين أطراف مثلث الجزيرة وخنفر والإخوان واضحًا، إذ أصبحت تغطية القناة تركز بشكل أكبر على معارضة ومناهضة الأنظمة العربية وتحريك الرأي العام في البلاد العربية تحت دعوى الديمقراطية والتغيير وتشجيع حركات المعارضة، واتخاذ مواقف ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في شعبية القناة.
خلال عام 2003 أصبح أكثر من 50% من العاملين بالجزيرة ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأزداد نفوذ الجماعة يومًا بعد يوم داخل النظام الحاكم وصياغة المشهد الإعلامي للقناة، واحتضنت قطر الجماعة بشكل كامل، وكان من المخطط أن تعقد الجماعة مؤتمرها العالمي الذي يحظى بقدر كبير من السرية في الدوحة، ولكن تم نقله لأحد العواصم الأوروبية خوفًا من المتابعة الأمنية.
والجدير بالذكر أن “خنفر” أحد المقربين من القيادي الإخواني يوسف القرضاوي.
وبالرغم من تبني الجزيرة خطابًا هجوميًا تجاه إسرائيل، إلا أنه في إبريل 2008 جمع لقاء بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية حينها “تسيبي ليفني” وكبار موظفي الجزيرة وعلى رأسهم “وضاح خنفر” بفندق “شيراتون الدوحة”، وذلك على هامش مشاركتها في مؤتمر الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة، وكانت “ليفني” قد استبقت ذلك اللقاء باجتماع مع “حمد بن خليفة آل ثاني” الأمير القطري السابق، و”حمد بن جاسم” رئيس الوزراء السابق بهدف الاتفاق على عدد من الترتيبات السياسية والأمنية والاقتصادية بين تل أبيب والدوحة، وتلاحظ عقب الاجتماع ظهور المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي بشكل مستمر على قناة الجزيرة في مداخلات للتعليق على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وثائق ويكيليكس تكشف حقيقة “خنفر”
نشر موقع ويكيليكس في سبتمبر 2011 عددًا من البرقيات التي كشفت عن التنسيق بين الإدارة الأمريكية وقناة الجزيرة بقيادة “وضاح خنفر”، وكشفت الوثيقة رقم DOHA1593-a 05 عن لقاء جمع بين مسؤول الشؤون العامة في الاستخبارات العسكرية في السفارة الأمريكية في الدوحة ومدير قناة الجزيرة وضاح خنفر يوم 9 أغسطس 2005، بشأن مجموعة من الملاحظات الأمريكية على أداء قناة الجزيرة ورد خنفر عليها.
وبحسب الوثيقة، أكد “خنفر” أن الجزيرة تراجع الكثير من سياساتها، ولا تعادي الولايات المتحدة ومنفتحة بشكل كبير على الجانب الأمريكي، وأن إدارة القناة تعقد اجتماعًا يوميًا في الصباح لمراجعة جودة المحتوى المقدم وأنه لا يتسبب في غضب الإدارة الأمريكية، وأن أي خطأ مسؤولية المحرر والصحفي، وخلال الاجتماع انتقد المسؤول الأمريكي تغطية الجزيرة لتفجير إرهابي في العراق استهدف مجموعة من الأطفال الشيعة وأودى بحياة 28 شخصًا، فى حين ذكرت الجزيرة فى تقرير لها أن التفجير استهدف القوات الأمريكية وأسفر عن مقتل 4 مدنيين فقط، واعترف وضاح خنفر بخطأ التقرير وألقى باللوم على الإدارة الأمريكية لإغلاقها مكتب الجزيرة فى بغداد مطالبًا بفتحه، وتعهد بتغيير بعض المصطلحات التي تغضب الجانب الأمريكي وتغيرت كلمة “المقاومة” إلى “المجموعات العسكرية” و “الاحتلال” إلى “القوات متعددة الجنسيات