«العربي الحديث» يكشف أسباب الصمت “القطري” تجاه مبادرات السلام العربية مع إسرائيل
عاد قطار مبادرات التصالح بين الدول العربية وإسرائيل للانطلاق من جديد، فبعد معاهدة “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل في سبتمبر ١٩٧٨، التي استردت على إثرها مصر أراضيها المحتلة، ومن بعدها اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلة عام ١٩٩٤، وقعت مؤخراً كلاً من الإمارات والبحرين اتفاقتي سلام منفصلتين مع إسرائيل، وسط ترحيب دولي كبير، وبعد الأصوات القليلة المعارضة للسلام في المنطقة، ولكن النظام القطري لم يعلق سواء بالترحيب، أو الاستنكار، وفضل الصمت، ومن خلال السطور التالية، نفسر أسباب امتناعه عن التعليق….
أولًا.. خشية رفع أمريكا الحماية العسكرية عن حكامها وفتح ملفات الفساد في الأسرة الحاكمة
عشرات بل مئات المليارات من الدولارات تنفقها دويلة قطر، لتعزيز نفوذها السياسي في الداخل الأمريكي، وذلك خطوة منها لمواجهة العزلة المفروضة عليها من الدول العربية بسبب دعمها للإرهاب.
في وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لقاء جمعه بأمير قطر تميم بن حمد، قال فيه،: “لقد كنت حليفا رائعا وساعدتنا في إنشاء القاعدة العسكرية والمطار العسكري، وأدركت أنه تم استثمار 8 مليارات دولار في القاعدة العسكرية، وأشكر الله أنها كانت غالبا أموالكم وليست أموالنا، وأفضل أن يكون كله من أموالكم وليس من أموالنا”.
وبالرغم من هذا الكم الكبير من الفضائح على مرآى ومسمع العالم أجمع، ظل الأمير القطري، متمسكا بما وصفه بـ”شراكة اقتصادية”.. حيث قال خلال المؤتمر: “تقدر شراكتنا الاقتصادية هذا العام بـ185 مليار دولار”، ولم يكتف بذلك بل قال “نعتزم رفع هذا الرقم الذي يوفر نصف مليون وظيفة للأمريكيين”.
ومن ناحية آخرى، نجد أن دويلة قطر تسعى لإخفاء فضائح شقيق أميرها بدفع المليارات، وكانت “لوس أنجلوس تايمز” قد أفردت تحقيقًا موسعًا يسرد فضائح الأمير الوسيم، الذي جاء إلى لوس أنجلوس قبل 9 سنوات، بينما كان في سن المراهقة بهدف التعلم.
وأشار التحقيق إلى تورط والدة الأمير المدلل، الشيخة موزة، ومؤسستها الخيرية التي تدعم النهضة “التعليمية عالميا” بتبرعات ثبت في بعض جوانبها أنها رشاوى مقنّعة مقابل تسهيل حصول الأبناء على شهادات جامعية دون الحضور أو الدراسة عن بعد.
وكشف التقرير عن وقائع عملية تزوير واحتيال غير مسبوقة في مجال التعليم ألا وهي “التعليم عن بعد وبالوكالة”، إذ تم استئجار طالب دراسات عليا مكسيكي الأصل، يدعى جوفينال كورتيس، ليقوم بعمل الفروض الدراسية بالنيابة عن خليفة بن حمد، الذي اكتفى في مرات ظهوره القليلة في الحرم الجامعي بالتجول في الحدائق وارتياد المطاعم.
كما أعدت مؤسسة ماعت، تقريرًا بالفيديو يكشف عن فضائح الأسرة الحاكمة فى قطر برئاسة تميم بن حمد، والتى كان آخرها هو حصول عدد من أسرة آل ثانى على الجنسية من جمهورية مالطا والتى كانت مقصد لأفراد آل ثانى، مقابل مليون يورو للفرد الواحد للحصول على الجنسية.
ولفت التقرير إلى أن مالطا أصبحت ملاذًا آمنا للفاسدين من الدوحة، وخصوصا أنها أقل الدول الأوروبية تدقيقا فى منح الجنسية، وأحد ملاذات التهرب من الفساد.
وأوضح التقرير أنه كان من بين من حصلوا على الجنسية 5 من أفراد الأسرة الحاكمة، أبرز محمد أحمد ال ثانى الذى كان يشغل وزيرا للاقتصاد الأسبق، وعمل فى مناصب عديدة بشركات الطاقة القطرية، ويأتى حصوله على الجنسية فى مالطا لتحصين نفسه من قضايا فساد، وخصوصا أنه واحد ممن تدرجوا فى مناصب عديدة، وتخوف على أن يكون كبش فدا فى ظل الفضائح المستمرة لأعضاء العائلة الحاكمة فى قطر.
ثانيًا.. خشية انقلاب الإسلاميين المؤيدين لها عليها وتخسر جميع الأطراف
أصبحت قطر معقل تجمع الجماعات الإرهابية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، ويعتبر القرضاوي، أو “مفتي الناتو” كما يسميه البعض بعد فتاويه التي أصدرها ضد سوريا وليبيا، أحد أبز قيادات الإخوان في قطر، وينتمي للجيل الأول الذي غادر إلى الدوحة منذ 1961، وترتب في المناصب القطرية الإخوانية حتى أصبح مفتي قطر، ومندوب قطر في التنظيم الدولي للإخوان بعد أن حصل على الجنسية القطرية.
ومرت الأيام وانقلب السحر على الساحر بعد أن تفاقمت الخلافات الداخلية بين قيادات الإخوان فى الخارج، وقطر بإعلامها وقياداتها إلى حد جعلهم يسبون ويفضحون بعضهم، بعضا.
وفى هذا السياق، شن وجدى غنيم الإخوانى الهارب، هجوماً كبير على قناة الجزيرة القطرية، قائلا: “إنها قناة تدعو للكفر والإلحاد، وأن الفيلم الأخير الذى بثته هو إجرام، داعياً على كل من شارك فيه بشل يديه، وكل من يساهم أو ينشر ما وصفه بكفر قناة الجزيرة، والمسؤل عن قناة الجزيرة.
وكشفت تقارير صحفية، أيضاً، أن يوسف القرضاوي، أبرز قيادات الإخوان الذين انقلبوا على المعسكر القطري مؤخرا، بسبب خلافات وقعت بينه وبين أمير قطر، وأن أحد الأسباب الرئيسية في الخلافات بينهما يرجع إلى عزمي بشارة، المستشار الخاص لأمير قطر، إضافة إلى اتصالات جمعت “القرضاوي” وحمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق، الذي يتطلع لتنصيبه بدلاً من تميم، في حال الإطاحة بالأخير، بدوره حاول الديوان الأميري القطري التكتم على تلك الخلافات.
وأضافت التقارير أنه على إثر تلك الخلافات حاول تميم الإطاحة بـ”القرضاوي” من رئاسة ما يسمى بـ”اتحاد علماء المسلمين”، المنبثق عن التنظيم الدولي للإخوان، والذي أسسته قطر، وأن أمير قطر كان وراء الدفع بـ”أحمد الريسوني” رئيس حركة التوحيد والإصلاح الإخوانية في المغرب، لرئاسة الاتحاد الإخواني خلفاً لـ”القرضاوي”.
ثالثًا .. خشية غضب حليفها أردوغان
الجميع يعلم جيدًا أن المحور “الإخواني” المتمثل بـ “قطر وتركيا” لم يستثن أسلوباً أو طريقةً بل وحتى ورقةً دينية أو سياسية إلّا وتمّ الزجَّ بها في المخطط التخريبي والتدميري الذي لا يستهدف إلا الأمن العربي، في محاولة لضرب الجيوش العربية من الداخل، بل ليس الجيوش العربية القائمة إنما أي بذرة أو نواة لجيش عربي يمكن أن يعترض مشروع مرشدهما، لذا ستكون موافقة قطر على اتفاقات السلام يتكون عداءًا واضحًا لحليفها تركيا التي ستظهر غضبًا شديدًا ضدها.
وبالتأكيد دويلة مثل قطر ستخشي خسارة حليف مثل تركيا بسبب هذا الموقف، لذا ستفضل العلاقة السرية مع إسرائيل دون إظهار ذلك.
رابعًا .. الخوف من توجيه ضربة عسكرية واقتصادية قاصمة من حليفتها إيران
رغم مرور 3 أعوام على مقاطعة دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة، لا تزال السياسات القطرية قائمة على حالها مع نظام إيران لضرب استقرار وأمن دول المنطقة، فمنذ قرار الدول العربية الأربع الداعية لمواجهة الإرهاب، بقطع العلاقات مع قطر، سارع تنظيم الحمدين إلى عقد اتفاقيات مع نظام ولاية الفقيه، ضارباً بالأمن الإقليمي والخليجي عرض الحائط.
وفي ظل هذه العلاقة بين الدولتين، فستخسر قطر علاقتها مع إيران في حال إعلانها الموافقة على اتفاقات السلام، لكن ليس لهذا الحد فقط، فإيران من النوع الذي يقال عنه “إذا خاصم فجر” ومن السهل للغاية أن تستهدف إيران قطر بشكل عسكري وتدمرها إقتصاديًا.
خامسًا .. رعب مسئولي قطر من “عشيقتها” حزب الله
منذ عام 2006، تأخذ العلاقة بين حزب الله اللبناني وقطر بعداً سياسياً – مالياً لدرجة أصبحت تتفوق على العلاقة التي تربط بين الحزب وإيران، خاصةً فيما يتعلق بالتمويل، فمن أهم أسباب صمود حزب الله هو الدعم القطري خصوصاً مع تراجع دعم إيران التي تعاني من أزمات مالية وإقتصادية.
” علاقة حزب الله وقطر ” ليست جديدة فهي علاقة ممتدة منذ سنوات طويلة، أسوةً بعلاقة قطر وإيران وهذه العلاقه تأتي على حساب الأمن القومي العربي.
وبالتأكيد في حال سير دويلة قطر مع التيار والموافقة على اتفاقات السلام التي تجريها الدول العربية مع إسرائيل بالتأكيد بذلك ستكون قد قامت بخطوة عدائية ضد حزب الله الذي لا يخفي على أحد العلاقة السيئة للغاية بينه وبين إسرائيل خاصة بعد تفجرها بشكل فج بعد أزمة انفجارات لبنان.
سادسًا .. خشية من ضياع مصداقية قناة الجزيرة “للأبد”
قطر سخرت قناة “الجزيرة” لخدمة أجنداتها، وتوقفت منذ زمن بعيد عن بث الأخبار بموضوعية، كما تواجه اتهامات متتالية بعدم التوازن والكيل بمكيالين في تناولها لموضوعات المنطقة العربية، وخصوصاً تغطيتها لثورات الربيع العربي، وبالتأكيد في حال، موافقتها بشكل ظاهر اتفاقات السلام الجارية بدول المنطقة، ستضيع مصداقية قناة الجزيرة التي تستخدمها قطر كأداة لخدمتها إلى الأبد.
سايعًا .. قطر وإسرائيل تاريخ من الشراكة والتطبيع
بينما في الوقت الذي تسعى به الدول العربية للوصول للسلام والاستقرار للمنطقة بأكملها، وتقريب وجهات النظر فيما بينها، يظهر اسم قطر باعتبارها الدولة التي تطبق منهج المعايير المزدوجة، من خلال سياسات متناقضة في السر والعلن من أجل زعزعة استقرار المنطقة بالتعاون مع إيران، والابتعاد أكثر فأكثر عن الهوية العربية.
وكشف الكاتب إيدي كوهين في صحيفة “إسرائيل اليوم” في مقال له عن تبعات السياسات القطرية على جيرانها في الخليج، والمنطقة العربية ككل، مع ارتمائها في أحضان إيران.
وأكد كوهين، أنه في الوقت الذي تدعي فيه معارضتها لعملية السلام مع إسرائيل، فإنها كانت من أول دول المنطقة في إقامة علاقات مع الدولة العبرية.
واعتبر كوهين في مقاله، أن العالم العربي أصبح “أقل انقساما بكثير مما كان عليه في السنوات الأخيرة، وأنه يسير في اتجاه إيجابي نحو المصالحة والوحدة”، لافتا إلى أن اسم قطر يبرز هنا باعتبارها العنصر الذي ينغص هذا الإجماع العربي، من خلال دعمها لتنظيم الإخوان وتمويل المنظمات الإرهابية.
وشدد الكاتب أن السبب في المعارضة “العلنية” التي تزعمها قطر ضد السلام مع إسرائيل، يعود إلى “اللعبة المزدوجة التي تمارسها ضد جيرانها، ودعمها للإخوان وإيران”.
وأشار إلى أن قطر سخرت قناة “الجزيرة” لخدمة أجنداتها، وأنها توقفت منذ زمن بعيد عن بث الأخبار بموضوعية، مضيفا: “لكن افتقارها لتغطية الاحتجاجات في إيران، أو مدحها لمن قتل مئات الآلاف من العرب مثل قاسم سليماني، يثبت بوضوح أن قطر فقدت هويتها العربية في دائرة النفوذ الإيراني”.
وأعاد كوهين التذكير في مقاله، بأن قطر “كانت في الواقع أول من فتح أبوابه لكبار المسؤولين الإسرائيليين”. وتابع: “كلنا نتذكر زيارة شمعون بيرس وافتتاح المكتب التجاري الإسرائيلي هناك (في قطر) عام 1996. فما الذي تغير؟”.
وأجاب الكاتب عن هذا التساؤل، بالقول إن قطر تعتمد الآن على علاقات “سرية” مع إسرائيل، مضيفا: “بمجرد أن سلم أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، حكم البلاد لابنه تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، في يونيو 2013، أصبحت العلاقات مع إسرائيل سرية”.
وتابع: “تمت الإشارة إلى الاتصالات بين البلدين على أنها جهود وساطة بين حماس وإسرائيل، والسبب في ذلك اعتمادها (قطر) على إيران وتركيا، بسبب عزلتها”.
وجاء هذا المقال بمثابة تأكيد لتقرير سابق في موقع “إنتلجنس أونلاين”، كشف أن الدوحة “تلجأ سرا إلى خدمات التقنية والأمن المقدمة من قبل شركات إسرائيلية”.
وفي أغسطس الماضي، اتهم عضو الكنيست الإسرائيلي إيلي أفيدار، في حديث لسكاي نيوز عربية، قطر بانتهاج أسلوب الخداع في التصريح بعلاقاتها مع إسرائيل التي امتدت على مدار سنوات.
وأوضح أفيدار أن “لقطر علاقات مع إسرائيل من قبل 1995″، لافتا إلى أنه يذكر أنه في عام 2000، احتضنت قطر مؤتمر القمة الإسلامية، مشيرا إلى أن الدوحة كذبت خلاله على الدول قائلة إنها أقفلت مكتب العلاقات التجارية الإسرائيلي.
وأضاف: “لكنني كنت هناك، طلبوا مني أن أصمت وألا أغادر البيت وأن تبقى السفارة مغلقة.. هذا أسلوب قطر، أسلوب الخدع والكذب”.