استراتيجية الإعلام والقوى المعادية في الخارج لتوظيف قضية هدم المباني المخالفة لإثارة الشارع المصري
أثار “تنفيذ” قانون التصالح في مخالفات البناء منذ صدوره حالة من الغضب الشعبي المتنامي لدى قاعات غير قليلة من المصريين تأثرت بشكل مباشر من تنفيذ هذا القانون، كما رافق تنفيذ القانون حالة من الارتباك على إثر وجود الكثير من الجوانب غير الواضحة في القانون، وخاصة ما يتعلق بالمسؤول عن دفع مبالغ التصالح أو الغرامات. ومع توجه الدولة لهدم المنازل المخالفة خلال الفترة الأخيرة تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي، تزايدت حالة الغضب الشعبي بشكل كبير للغاية بسبب هدم عشرات المنازل المخالفة سواء بنيت بالتعدي على الأراضي الزراعية أو بالتعدي على أراضي الدولة وزادت هذه الحالة من الغضب بتوازي أعمال الهدم مع قرارات اقتصادية تم اتخاذها مؤخرا أثارت موجات غضب مثل قرار رفع أسعار تذاكر المترو وتذاكر القطارات ورفع أسعار الكهرباء ورفع قيمة تجديد رخص قيادة السيارات وغيرها من القرارات.
كما أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاح بعض المشروعات في محافظة الإسكندرية يوم 29 أغسطس الماضي عن ضرورة الاستمرار في هدم المباني المخالفة واستعداد الدولة للدفع بالقوات المسلحة نحو القرى لهدم هذه المخالفات، كل هذا تسبب في عمل القوي والإعلام المعادي في الخارج وتحديدا في إسطنبول والدوحة ولندن على استغلال هذا الأمر لتسخين وإثارة الشارع المصري ضد الإدارة السياسية وضد شخص الرئيس السيسي، عبر ساعات كثيرة من البث البرامجي والإخباري يتم خلالها تقديم محتوي مضلل معتمد على مشاهد لعمليات هدم تمت بالفعل ضد مباني مخالفة
دفع هذا الأمر إلى خلق حالة احتقان “حقيقية” في المجتمع المصري، تم تعميقها بجانب برامج وشاشات الإعلام المعادي، باستخدام المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، فظهر الكثير من الهاشتاجات التي جاءت ردا على حديث الرئيس “لو مش عايزني أكون موجود هنا مش هكون موجود بس مينفعش الدولة المصرية تغيب تاني”، إذ ظهرت هاشتاجات مثل “مش عاوزينك” و”مش عايزينك وهنخلعك” والتي استمرت في صدارة قائمة الهاشتاجات الأكثر تداولا على موقع تويتر خلال الأسبوع الماضي، وتم التسويق لها بشكل واسع على كل قنوات ومنصات الإعلام المعادي “مكملين + الشرق + الجزيرة مباشر + الجزيرة العامة + الحوار + التليفزيون العربي + العربي الجديدة + عربي 21 + رصد +… كما يتم حاليا الحشد للزول 20 سبتمبر الجاري.
شكل التناول القنوات المعادية
عملت القنوات والمنصات الإلكترونية المعادية على استغلال حالة الغضب الموجودة لدى المواطنين في إطار معركتها ضد الدولة عبر:
: تبي وتسويق الهاشتاجات المعادية عبر الترويج اليومي لها والحديث عن أنها تتصدر قائمة الأكثر تداولا
على موقع تويتر كل يوم. : نشر الكثير من الفيديوهات التي نشرها مواطنون على حساباتهم على مواقع التواصل
الاجتماعي لمنازل تم هدمها ونساء يبكين وأسر مشردة والحديث عن أن الدولة تستمر في سياستها في تحصيل الأموال من المواطنين بشتى السبل لذلك خرج قانون التصالح لتحصيل مليارات الجنيهات رغم أن هذه المنازل تمت بموافقة من أجهزة الدولة وتم إدخال كافة المرافق لها بصورة الشرعية وبالتالي ليس من حقها هدم المنازل الآن : الترويج أن هناك إنقسامات داخل مؤسسات الدولة بأن القيادة السياسية لا تستمع لتقارير هذه المؤسسات. : ربطت القنوات هذا القانون بأنه جاء ضمن استراتيجية لكي تتجاوز مصر أزمتها الاقتصادية بعد تراجع الاحتياطي النقدي وزيادة الديون الداخلية والخارجية إلى معدلات غير مسبوقة : إعطاء القضية عذا دينيا بالتركيز على مشاهد هدم بعض المساجد وفي الوقت ذاته الحديث عن الكنائس التي لم تمس، بل تم تقنين أوضاعها كاملة في أوقات سابقة : سارت هذه القنوات والمنصات وفق استراتيجية واحدة هدفت إلى تجييش وحشد المواطنين واستغلال هذه الحالة من الغضب المتنامي والدفع بهم نحو التظاهر مستخدمة ألفاظا مثل “التهجير” لإعطاء عمليات هدم المخالفات أبعادا اجتماعية أعمق، وقامت باستغلال الموعد الذي حدده المقاول الهارب محمد علي بدعوة المواطنين للتظاهر في 20 سبتمبر لمحاولة حشد المواطنين للتظاهر فيه استغلالا لهذه القضية تحديدا.
: ركزت قنوات الإعلام المعادي على كلمة الرئيس فيما يتعلق بإمكانية قيام المؤسسة العسكرية بهدم البيوت المخالفة، وطرحت هذه المنصات الإعلامية تساؤلات بشأن هل من مهام المؤسسة العسكرية القيام بذلك أن ذلك سيؤدي إلى خلق حالة عداء للمؤسسة العسكرية إذا قامت بهدم المنازل المخالفة، على الرغم من أن هناك علم لدى الدولة المصرية بوجود ملايين المخالفات، وليست كلها تعديا على الأراضي الزراعية، إنما مخالفات متفاوتة درج عليها المصريون منذ عقود، وسمحت بها الدولة من خلال وزاراتها المتمثلة في التنمية المحلية والكهرباء والمياه بتوصيل تلك الخدمات كاملة دون اشتراط إزالة أي مخالفة
جاء خطاب هذه المنصات الإعلامية بأن الدولة تحاسب ملايين الملاك الصغار من هؤلاء الكادحين الذين وضعوا أموالهم في مبنى صغير أو عقار أو شقة به بعض المخالفات وتترك المخالفات التي يقوم بها رجال الأعمال والمسؤولين والمستشارين والضباط بينما لا يتم محاسبة المسؤولين الذين أهملوا وتراخوا في إصدار التراخيص، وأنه لابد محاسبة وزير التنمية الذي سمح بهذه المخالفات ورؤساء المحليات والمهندسين اتفقت هذه المنصات الإعلامية على إصرار الحكومة المصرية بتحصيل المبالغ الطائلة من المواطنين بسبب هذا القانون رغم الحالة الاقتصادية الصعبة وتفشي أزمة كورونا التي تتسبب في زيادة عدد المتعطلين، وتفاقم مشكلة العمالة العائدة من الخارج بشكل ملحوظ كان هناك اهتمام من قبل مختلف المنصات بفيديو خاص بالشيخ مبروك عطية كان ينتقد فيه هدم المنازل باعتباره أعظم ذنبا من التعرض للمسجد الحرام، وكذلك كان هناك تركيز كبير من مختلف المنصات المعادية بإبراز توجه الدولة لهدم المساجد كان هناك تركيز على استخدام بعض الألفاظ مثل “التهجير” لإثارة المواطنين، والتركيز على مشاهد افتراش بعض الأسر للشوارع وتشبيه ذلك بأوضاع اللاجئين، والحديث عن أن ذلك وفق خطة من الدولة للاستيلاء على أراضي المواطنين، وأن ذلك يشبه ما فعلته من قبل في رفح وما حدث في بعض الدول مثل سوريا تعمدت القنوات المعادية الربط بين القرارات الأخيرة بضم بعض الأراضي إلى صندوق مصر السيادي وبين عمليات الهدم للحديث عن أن كل ذلك يجري وفق مخطط لأخذ كافة الأراضي في مصر لتصبح ملك صندوق مصر السيادي والقول إن الصندوق يتحكم فيه الرئيس ولصالح بعض الدول تناولت جميعها بما فيها قنوات الجزيرة مباشر + الجزيرة العامة” حديث الرئيس عن استعداده للرحيل بنبرات تهكمية متحدثة عن أن ذلك حديث مكرر ومعتاد من الرئيس وفي كل مرة يرد المصريون يطلب الرحيل مثل هاشتاج “ارحل يا سيسي” ولكنه لا يعدو كلاها فيما وصفه البعض وخاصة معتز مطر على قناة الشرق بأنه كان موجها للأجهزة الأمنية التي تريد تصعيد شخص عسكري آخر للحكم، متحدثا عن أنه قد يكون أحمد شفيق ولذلك عادت محاكمته مجددا في قضية وزارة الطيران روجت قنوات ومنصات الإعلام المعادي عن أن مصر لا يوجد بها إعلام أو صحافة حقيقية تنقل واقع معاناة المواطنين، وأن “الأنظمة القمعية من عام 1980 وحتى 2010” كانت تسمح بمساحات للتنفيس، ولكن تم غلق هذه المساحات الأن تماما، وهو ما أدى للانفجار الذي سيكون مروعة. تلاحظ خلال الآونة الأخيرة عودة الاهتمام من جديد من قبل المواطنين بمشاهدة هذه القنوات والمنصات المعادية والتجاوب مع ما تقولفبعد أن كانت الفيديوهات التي تنشرها هذه القنوات تحقق آلاف المشاهدات أصبحت تحقق مئات الآلاف من المشاهدات وأحيانا تتعدى بعض الفيديوهات ملايين المشاهدات، وهذا مؤشر على حجم الأزمة قناتا الشرق ومكملين هما أصحاب هذه القفزة الكبيرة في تعداد المشاهدات والمتابعات لما تنشره أما قنوات الجزيرة فلم يحدث فرق في أعداد مشاهداتها أو التفاعل والتجاوب معها عادت المنشورات التي ينشرها المقاول الهارب محمد علي التحقق تفاعلات كبيرة من جديد وخاصة تلك التي نشرها بعد الدعوة للتظاهر يوم 20 سبتمبر، وذلك بعد فترة طويلة من ضعف الاهتمام الشعبي بما ينثرم رغم محاولاته المستمرة لجذب الانتباه له عبر تبنيه مشكلات وأزمات المواطنين بدءا من أزمة كورونا بالتوازي مع تناول ملف التصالح ومخالفات البناء باعتباره الملف الرئيسي للقنوات والمنصات المعادية استمرت أيضا في تناول بعض الملفات الأخرى ومنها ملف سد النهضة باعتباره دليلا على فشل القيادة السياسية في الحفاظ على حقوق المصريين، وكذلك ملف عضو حركة تمرد عاء خليفة وحديثها عن العقيد أحمد شعبان تم حديثها عن أن حسابها تعرض لاختراق، وأيضا قضية الشجار الذي تم بين مستشارة بالنيابة الإدارية وضابط شرطة بمحكمة مصر الجديدة وتسويق قرار النيابة بإخلاء سبيلها بأنه انتصار للقضاء على الشرطة، وكذلك ملف “المعتقلين” وخاصة “اعتقال” اثنين من الصحفيين باليوم السابع، ووفاة البعض في السجون القنوات والمنصات التي تبث من لندن (العربي الجديد – التلفزيون العربي – الحوار) اعتمدت فقط على ذكر تصريحات الرئيس ووجود ردود فعل سلبية عليها وإبراز الهاشتاجات المعارضة وحشد المواطنين للترول، دون الخوض في تفاصيل
حالة الحشد التي قوم بها الإعلام المعادي لرول المصريين 20 سبتمبر 2020 تأتي في ذكرى مرور عام على أحداث 20 سبتمبر 2019 التي كان يتصدرها وقتها المقاول الهارب محمد علي كان من السهل في سبتمبر 2019 تفنيد كل أطروحات المقاول الهارب والإعلام المعادي، خاصة أن سعيهم واستراتيجيتهم وقتها لإحداث الفوضى ونزول المصرين للشارع تم مواجهتها في وجود دعم كبير للإدارة السياسية من كتل وطنية واسعة منها من هم معارضين للإدارة. أما خطورة الوضع في سبتمبر 2020، هو أنهم يأججون مشاعر المصريين ويحرضوهم على الغضب والزول كون أن “ملايين” من المصريين متأثرين بشكل مباشر” بقرارات وإجراءات الإدارة السياسية الأخيرة وعلى رأسها قانون مخالفات البناء يجعل من القوى الإقليمية المعادية لمص “تركيا + قطر + بريطانيا” لديها أدوات ضغط مستمرة التوتر الأوضاع الداخلية بما يشكل حالة أن الأوضاع في مصر لم تصل بعد لحالة استقرار مستدام، وهو ما السيحاول الاستفادة منه في تحقيق مكاسب في الملفات الإقليمية “ليبيا + شرق المتوسط + القضية الفلسطينية + .” بالتأكيد هذه الدعوة للحشد والخول ستفشل كسابقاتها، لكن خطورتها هذه المرة أنه يمكن البناء عليها مستقبلا لإثارة الفوضى، خاصة أن تنفيذ قانون البناء دفع العديد من المصريين الخروج بوجوههم دون قلق للهجوم على الإدارة السياسية سريد هذه الأحداث من تأثير الإعلام المعادي على المدى المتوسط والبعيد خاصة أن المحتوى المقدم على هذه الشاشات والمنصات وإن كان يعتمد على الأكاذيب ونشر الشائعات إلا أنه يلمس اتجاهات غضب لدى قطاعات من المصريين ستساهم هذه الموجة في تقليل الانقسامات بين مجموعة القوى المعادية في إسطنبول والدوحة ولندن، وقد تساعدهم في إعادة تجميع أنفسهم مرة أخرى وتقديم أنفسهم للداعم والممول “الأتراك والقطريين والإنجليز” للرهان على تحركاتهم في إحداث تغيير في مصر. وإضعاف هذه الانقسامات سيمثل عبء على الدولة المصرية بعد ذلك لإحداثه وتعميقه مرة أخرى للاستفادة منه استعمل هذه الموجة في حالة تصاعدها في إظهار الإدارة السياسية في حالة إرتباك وقلق، وهو ما يجعل صورة مصر ته لدى حلفائها الإقليميين والدوليين