“حرب المرشد” تعمق انقسامات الاخوان.. صراع بين تركيا والتنظيم الدولي لتشكيل مكتب الإرشاد خارج مصر
لا يزال تنظيم الإخوان الإرهابي يعاني من تبعات الضربة الأمنية المصرية التي أفضت إلى توقيف محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم، حيث صدر بيان يعلن تولي إبراهيم منير منصب المرشد العام، دون اللجوء إلى الترتيبات الداخلية المعتادة لاختيار مرشد الاخوان.
القيادات الوسطى الهاربة إلى قطر وتركيا إضافة إلى شباب التنظيم سارعوا في بيانات متتالية عبر منصات التواصل الاجتماعي خاصة تليجرام إلى رفض القرار الجديد، وتبادل الاتهامات حول تورط إبراهيم منير مسؤول التنظيم الدولي ومحمود حسين ومحمود الإبياري ومحمد البحيري في صناعة الأزمات داخل التنظيم منذ السقوط الحكم الإخواني لمصر من أجل تنفيذ الأغراض الشخصية للشخصيات الأربع.
تنظيم الإخوان عقب توقيف عزت يعثر عمليا قد تحول إلى مجموعات وخلايا وتنظيمات متناثرة في أنقرة وإسطنبول ولندن في المقام الأول، إلى جانب مجموعات في دول ثانية، وحتى المجموعات المتمركزة في إنجلترا وتركيا وقطر منقسمة إلى مجموعات وجماعات ونتعارك طيلة الوقت على القيادة والتمويل الأجني والظهور الإعلامي.
الخلافات الجارية بين الحرس القديم للتنظيم وشباب الإخوان، بالإضافة إلى الخلاف التاريخي بين رجالات الحرس القديم والتنظيم الدولي للإخوان ليس بالأمر الجديد، بل هو امتداد لخلافات استفحلت وأدت إلى استقالة المرشد السابق محمد مهدي عاكف والذهاب إلى انتخابات لاختيار المرشد عام 2009 وما تلاها من الشقاقات داخل التنظيم الإرهابي.
كما أن الخلاف بين التنظيم المحلي والتنظيم الدولي كان على أشده في سنوات ما بين يناير 2011 ويونيو 2013 ولكن الخلاف لم يخرج للعلن إلا عقب سقوط الإخوان وخروج المصريين في ثورة 30 يونيو 2013 رامضين الوصاية الإخوانية.
الأزمة الحالية في اختيار المرشد غير مسبوقة في تاريخ التنظيم، وتتعدي أزمة اختيار المرشد الثاني عقب وفاة حسن البنا مؤسس الجماعة، كما أن التنظيم في سنوات الستينات وأوائل السبعينات لم يجد مشكلة في ترتيبات اختيار المرشد رغم التضييق الأمني وقتذاك.
وللمرة الأولى في تاريخ التنظيم يكون المرشحون لمنصب المرشد العام بالكامل خارج الأراضي المصرية وللمرة الاولي ينجح التنظيم الدولي في استثمار تصفية التنظيم المحلي والبدء في السيطرة على فلول التنظيم المحلي الهاربة إلى إنجلترا وقطر وتركيا.
وأثار شباب الاخوان في الخارج الرافضين لقرار تسمية منير مرشدا للتنظيم العديد من الأسئلة حول سعي تركيا التريك التنظيم، وتعيين مكتب إرشاد موال لأردوغان، خلافا لما كان عليه في السابق من توازنات وعدم احتساب التنظيم على دولة بعينها خصوصا وأن الهاربين إلى قطر ينظرون إلى هذا الإجراء باعتباره انقلاتا ريكا على تنظيم الحمدين الذي مول التنظيم المحلي للإخوان في مصر ما بين عامي 1995 و2017، وهي الفترة ما بين انقلاب حمد على والده وصولا إلى قيام الرباعي العربي بمقاطعة قطر، وإصدار سلسلة من القرارات ضربت خط الامداد بين التنظيم المحلي والدوحة.
وتسعى تركيا إلى تشكيل مكتب الإرشاد في أنقرة بشكل منفرد عن التنظيم الدولي أو الوصول إلى صيغة مع التنظيم الدولي تجعل أردوغان هو المسيطر على التنظيم المحلي للإخوان في مصر، وذلك في إطار سعی أردوغان للسيطرة على جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وتحويلها إلى أرصدة في مفاوضاته وابرازه لدول الشرق الأوسط.
وللمفارقة فإن تنظيم الإخوان الذي سعى منذ سبع سنوات لتصوير ما يجري في مصر باعتباره حرب أهلية يشهد اليوم حربا أهلية داخل أجنحته ومكاتبم بينما يستعد شباب التنظيم لإسقاط المرشد الجديد إبراهيم منير بعد سنوات من محاولاتهم الفاشلة لإسقاط الدولة المصرية، ما يعني عمليا أن تنظيم الإخوان قد انكب للداخل وبدأ في التهام مفاصله في حرب تكسير بين أجنحة التنظيم الإرهابي.