لم تنم مدينة مصراتة الليبية، مسقط رأس وزير الداخلية فتحي باشاغا، ليل الخميس- الجمعة، احتفالا بعودته لمزاولة عمله في منصبه، بعد نحو أسبوع على توقيفه من قبل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وذلك عقب جلسة تحقيق مطوّلة ومثيرة، جرت بالتزامن مع استعراض قوة من قبل الميليشيات المتحالفة معه في شوارع طرابلس.
وكان السراج أعلن أمس الخميس عن إعادة وزير داخليته فتحي باشاغا إلى عمله من داخل مقر المجلس الرئاسي بالعاصمة، الذي طوّقته أرتال عسكرية ضخمة تابعة لمدينة مصراتة مدجّجة بمختلف أنواع بالأسلحة رافقت الوزير لتأمينه ودعمه خلال جلسة التحقيق، في مشهد غير مسبوق اعتبر بمثابة “استعراض للعضلات وتحدّ للسراج وميليشياته في طرابلس”، لينتهي بذلك الخلاف بين الرجلين، الذي كاد أن يدفع البلاد إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
وتشير الأنباء القادمة من طرابلس، إلى أن التسوية التي توصل إليها السراج وباشاغا تمت برعاية تركية، حيث تدخلت أنقرة لتطويق صراع أهم ذراعين لها داخل الوفاق من أجل عدم تقويض “الحكومة الهشّة” التي وقّعت معها اتفاقيات مهمة في نوفمبر 2019 بشأن ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري، وكذلك لخفض أسلحة الميليشيات المتنافسة بطرابلس ومصراتة ومنع أي احتكاك مسلّح بينهما، سيكون قائد الجيش الليبي الجنرال خليفة حفتر أكبر مستفيد منه.
وفي هذا السياق، رأى مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي العميد خالد المحجوب، أن السراج أعاد باشاغا إلى عمله على رأس وزارة الداخلية تحت ضغط وتهديد المسلحين الموالين للأخير، الذين احتمى واستعان بهم في تلك المواجهة، واصطحبهم إلى جلسة التحقيق، ولتجنب اندلاع حرب بين الميليشيات المسلحة بمصراتة المناصرة لوزير الداخلية والميليشيات الداعمة له بطرابلس.
وتابع قائلاً في تصريح لـ”العربية.نت”، إن السراج خضع لابتزاز وتهديدات باشاغا بالكشف عن ملفات الفساد، فأصدر قرارا بإعادته إلى عمله، خشية الكشف عن ملفات الفساد داخل حكومة الوفاق وخوفا من ردة فعل الليبيين والمجتمع الدولي، وهو ما يفسر التراجع عن بث جلسة التحقيق علنا، مشيرا إلى أن توقيف باشاغا عن عمله والتحقيق معه ثم إعادته إلى منصبه، لم يكن إلا “مسرحية احتاجتها حكومة الوفاق لتضليل سكان طرابلس وصرف انتباههم عن المظاهرات”.
إلى ذلك، شدّد على أن قرار العودة إلى الشوارع للدفاع عن مطالب المتظاهرين وحقهم في الحصول على الخدمات الأساسية، يدل على أن “هذا السيناريو لم ينطل عليهم”.
يشار إلى أن باشاغا كان وصل مساء الخميس، وسط ميليشياته المسلحة إلى مدينة مصراتة، حيث حظي باستقبال من قبل بعض أهالي المدينة وسط انتشار موسع للمدرعات والآليات العسكرية.