مع دخول العشر الأوائل من ذي الحجة، التي يترقبها المسلمون في مختلف أنحاء العالم من أجل اغتنام فضلها، سواء للحاج الذي أكرمه الله بالحج أو الذي تعذر عليه الذهاب لأداء فريضة الحج فلن يعدم فضل وخير هذه الأيام العشر المباركات مما له من أجر كبير لمن شغل نفسه فيها بالعبادات والطاعات
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
وذكرت العديد من الأيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، من بينها قول الله تعالي: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [ الحج: 28 ] حيث نقل الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله في هذه الأيام أنها: أيام الْعشر
وجاء في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل أيام الدنيا أيام العشر. يقصد أيام العشر من ذي الحجة- قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه بالتراب
ومن فضل هذه الأيام أنها اجتمعت فيها كل العبادات كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني حيث قال: الذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها
وقال ابن القيم الجوزية: ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، ففيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية
العشر الأوائل من ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟
كلما اقتربت العشر الأواخر من رمضان والعشر الأوائل من ذي الحجة، يكثر التساؤل عن أيهما له الأفضلية؟، العشر الأواخر من رمضان أم العشر الأوائل من ذي الحجة، لا سيما وأن كليهما ذكر في فضله الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة
فتشمل العشر الأوائل من ذي الحجة على يوم عرفة بينما تشتمل العشر الأواخر من رمضان على ليلة هي خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، غير أن كلا العشر أجمع العلماء على استحباب العمل الصالح وفعل الخيرات فيهما وأن العمل فيهما له أجر وثواب من الله أكبر مما في سواهما
وخروجا من الإشكال خصوصا مع توارد الكثير من الأدلة على فضل كليهما قال العلماء إن كلاهما له أفضلية عن سائر الأيام والليالي، غير أنهم ذهبو إلى أن أيام العشر الأوائل من ذي الحجة هي الأفضل لاشتمالها على يوك عرفة، وليالي العشر الأخيرة من رمضان هي الأفضل لاشتمالها على ليلة القدر
ماذا نفعل في العشر الأوائل من ذي الحجة ؟
أفضلية العشر الأوائل من ذي الحجة حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الشيخان: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه العشر- يقصد العشر الأوائل من ذي الحجة- قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بشئ
ومن ثم فإن جميع الأعمال الصالحة في هذه العشر لها أفضلية كبيرة ومثوبة عظيمة عند االله ، ومن الأعمال المستحبة في هذه العشر، صيام العشر من ذي الحجة، فالصيام على وجه العموم له مكانه عظيمة وأجر كبير عند الله فمن صام يوما واحدا باعد الله بينه وبين النار سبعون خريفا، ويزداد أجر الصيام في العشر الأوائل من ذي الحجة لكونه من الأعمال الصالحة المعنية في نص الحديث، ويستحب الصيام لخير الحاج في العشر الأوائل كما نص الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده
أيضا يستحب قراءة القرآن، والذكر والاستغفار والإكثار من صلاة النوافل والتكبير ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة والطاعات
ومن الأعمال العظيمة للفوز بـ فضل العشر الأوائل من ذي الحجة أداء الحج والعمرة لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا، فالحج هو ركن الإسلام الخامس، والحج المبرور من أفضل الأعمال عند الله عز وجل، فقد سُئِلَ النَّبِيُّ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ»
من كانت نيته أن يضحي ماذا يفعل في الأيام العشر ؟
من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره، إذا دخل العشر الأوائل من ذي الحجة حتى يضحي، إذا كان يضحي عن نفسه أو عن والديه أو عن أهل بيته، أما إذا كان الوكيلًا لا، إذا كان وكيل في الأوقاف والضحايا لقول النبي : إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا.