تقارير عربيةسياسة

“بصوري الخاصة”.. مها غزال تروي القصة الكاملة لعملية ابتزازها في “تلفزيون سوريا”

حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن بثت الصحافية السورية مها غزال مقطع فيديو كشفت فيه عن تفاصيل ابتزازها في التليفزيون السوري ما حدث معها، وأعلنت أنّها ماضية في معركة انتزاع حقوقها، لا سيّما بعد قراءتها بيان “تلفزيون سوريا” التمييعي وردود مؤسسة “فضاءات” المخيّبة…

تقول مها غزال “كنتُ كلّ ما مرّت 10 دقائق، أعاينُ “غوغل” وأكتبُ اسمي في محرّك البحث لأرى إذا كانت صوري وحواراتي الشخصيّة سُرّبت أم بعد. عشتُ حالة غضب وقلق وصدمة لم أفهم كيف ولماذا رُميت فيها. وعلى إثر الابتزاز الذي تعرّضتُ له لدفعي إلى الاستقالة من عملي، أُدخلتُ مباشرةً إلى قسم العناية المشدّدة، ثمّ بقيتُ أسبوعاً كاملاً كالمكبّلة، غير قادرة على الكلام والتفاعل. قضيتُ الأسابيع الماضية أنتظر نتائج المحادثات وتوسّط الأصدقاء مع أعلى الجهات في مجلس الإدارة بين تركيا وقطر…”.
بهذه العبارات،وصفت غزال في تصريحات صحفية لها، ما مرّت به عقب اكتشافها حقيقة اختراق حساباتها الشخصيّة بأمر من المدير الإداري والمالي في اجتماع عُقد الشهر الماضي بحضور المدير العام لـ”تلفزيون سوريا”، مالك داغاستاني، لدفعها إلى تقديم استقالتها. صاحب هذه الرغبة هو نفسه المدير الإداري والمالي المُتَّهم بإعطاء الأمر بخرق حسابات مها بقصد ابتزازها بنشر صور ومعلومات خاصّة إن لم توافق على تقديم استقالتها.
تكرّر هذا التهديد على منصّات التواصل الاجتماعي أكثر من مرّة، حتى أنه اتّخذ شكل انتحال شخصيّات أصدقاء مقرّبين من مها، ومحاولات خرق متتالية لحساباتها كانت الغاية منها إفهامها أنّها محاصرة، وأن تحقيق أمنية المدير الإداري والمالي باستقالتها هي المنفذ الوحيد من المأزق الذي نُصب لها.


وتسأل مها، “لم أفهم، لمَ حصل كلّ ذلك لي؟ لمَ حرب العصابات هذه؟ لمَ هذا الأسلوب المؤذي، إذا كان الهدف التخلّص منّي فقط؟ فعلاً لم أجد سبباً مقنعاً يبرّر حجم الهجمة عليّ.”
“أتفهّم كثيراً النساء والعاملات، ولا سيّما اللاجئات، اللواتي يتردّدن قبل مشاركة الناس بما يتعرّضن له. لكنّني اليوم اكتشفتُ أن الأمان هو أن نبوح، لا أن نسكت”
بعد مرور أسابيع على اجتماعها بالمدير الإداري والمالي، علمت مها من زملاء لها حضروا اجتماعاً داخليّاً في المؤسّسة تلا صدور القرار بإقالتها ودعوة المتّهم باختراق خصوصيّتها إلى الاستقالة، أنّ الأخير اعترف رسميّاً بأنّه أمر بإتمام عمليّة الخرق ووضع يده على كنزٍ ثمينٍ من المعلومات الخاصّة بحياتها الشخصيّة.


وأكدت الصحفية المفصولة أنّ معظم زملائها تضامنوا معها بمعزل عن مضمون التفاصيل أو الصور التي حاول المُنتِهك إحراجها بها. وقالت إنّ الموظّفين لم يكترثوا -لا هم ولا المدير العام مالك داغاستاني- لما يمكن أن تتضمّن الصور والمحادثات، لأن المبدأ الأساس أن ليس لأحد الحقّ في انتهاك خصوصيّة أي موظّف، لا سيّما النساء اللواتي غالباً ما يُستسهل ابتزازهنّ وتعييرهنّ بسلوكهنّ وحياتهنّ الشخصيّة.
وبالفعل، أُحيطت مها بردود داعمة كثيرة، من منظّمات عدّة كالحركة السياسية النسوية السورية واللوبي النسوي وشبكة المرأة السورية ونادي الصحافيين السوريين. وفي هذا الإطار، حاول “درج” التواصل مع أمين عام “بيت الإعلاميّين العرب” الصحافي السوري عمر كوش لاستيضاح موقف التجمّع ممّا حدث مع مها، إلا أنّه لم يتلقَّ تعليقاً في هذا الشأن.
وتفاعل الآلاف مع الفيديو الذي صوّرته مها مباشرةً من مقرّ تلفزيون سوريا في تركيا، وبثّته على صفحتها على فيسبوك يوم الخميس 16 يوليو، فور انتهاء اجتماعها الأخير مع المدير العام، مالك داغاستاني، والذي تقول مها لـ”درج” إنّه كان بالفعل داعماً لها وسعى إلى إنصافها منذ لحظة انكشاف الابتزاز خلال الاجتماع الذي هُدّدت فيه، بحضور داغاستاني نفسه، بفضح معلوماتها الشخصيّة إن لم تستقل.


وفي مزيد من التفاصيل، قالت مها أن يوم بثّها للفيديو، كانت خارجة لتوّها من اجتماع مع داغاستاني أخبرها خلاله أنّ القضيّة لا تتقدّم لصالحها على رغم استهجان الجميع، بمن فيهم فريق شركة “فضاءات” القطريّة المسؤولة عن القناة، لفعل الانتهاك الذي طالها، وأن لا شيء يُنبئ بأن ما طالبت به لتحقيق العدالة وتعزيز شعورها بالأمان في مكان عملها سيتحقّق. وما لبث داغاستاني أن أعلن غداة لقائه مها عن استقالته من منصبه خلال اجتماع عام جرى مع الموظّفين في المؤسّسة، مبرّراً قراره برفضه الاستمرار في ممارسة عمله فيما هو عاجز عن حماية موظّفة، والحفاظ على عملها الذي أُقيلت منه بشكل تعسّفي ومن دون أي إنذارات مسبقة، وضمان محاسبة مَن خرق خصوصيّتها.

“قبل الفيديو كنتُ لا أزال متوجّسة من تسريب صوري وبياناتي. لكن حالما نشرتُ قصّتي وتلقّيتُ الرسائل المتضامنة والمتعاطفة معي، شعرتُ أنني أكثر استعداداً للمواجهة، وأقل عرضةً للابتزاز. أحسستُ بالأمان، لأن الناس تضامنوا مع قضيّة أخلاقيّة بالدرجة الأول لا معي كـ”مها”.
وتختم مها، “أتفهّم كثيراً النساء والعاملات، ولا سيّما اللاجئات، اللواتي يتردّدن قبل مشاركة الناس بما يتعرّضن له. لكنّني اليوم اكتشفتُ أن الأمان هو أن نبوح، لا أن نسكت.”

زر الذهاب إلى الأعلى