أخبارتقارير دوليةسياسةعربي

الجزيرة.. رئة الإرهاب ومنبره في الشرق الأوسط

ظن محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الشؤون الخارجية القطري، أن بلاده ستكون أياديها نظيفة بتراجعها عن دعم الإيديولوجية الإسلامية أو جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتطرفة، في كلمته التي ألقاها في أعمال منتدى “الحوار المتوسطي” في روما، ديسمبر2019، عندما قال “لم ندعم الإسلام السياسي ولا جماعة الإخوان المسلمين ، ودعمنا كان للشعوب وليس للأحزاب السياسية”.

ولكن الواقع يؤكد أن قطر مازالت تستخدم مواردها المالية لممارسة نفوذ إقليمي يقوم على الإرهاب ودعم الجماعات المتطرفة في المنطقة.

قطر “الإمارة الصغيرة “تدعم الإخوان وتزرع الفوضى

دأبت الإمارة الصغير الغنية بالنفط على دعم جماعة الإخوان، فضلاً عن علاقاتها الوثيقة مع مجموعات مثل طالبان وبعض المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، وعلاقاتها مع إيران، الأمر الذي قاد إلى دعم قناة الجزيرة التي تملكها وتمولها قطر بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن. ويذكر أن قطر دفعت فدية تقدر بنحو مليار دولار (790 مليون جنيه استرليني) إلى فصيل سابق كان مرتبطا بتنظيم القاعدة في سوريا ومسؤولين أمنيين إيرانيين كجزء من صفقة لإطلاق سراح 26 من أفراد الأسرة الحاكمة في قطر قيل إنهم خُطفوا من قبل ميليشيات شيعية عراقية مدعومة من إيران وعشرات المقاتلين الشيعة الذين قُبض عليهم من قبل جهاديين في سوريا. ولاحظ الوكيل السابق لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأمريكية، ديفيد كوهن، أن قطر مولت لعدة سنوات حركة حماس بشكل صريح. كما قدمت أيضاً دعماً للمجموعات المتشددة في سوريا.

فضلاً عن أن البيئة “المتساهلة” في قطر سمحت لجامعي الأموال والجمعيات الخيرية بطلب التبرعات لصالح مجموعات مثل القاعدة وتنظيم داعش.

ورغبة قطر لأن تكون قوة عظمى في المنطقة جعل البلاد تنفق بسخاء على الخطط التوسعية، فلم يتوقف دعمها عن العبث بأمن جيرانها، بل امتد ليشمل دولاً بعيدة عنها محاولة زعزعة الاستقرار فيها. فوفقًا لتقرير صادر عن مجموعة الأمم المتحدة لمراقبة الصومال وإريتريا، في عام 2013 ، قامت قطر بتمويل حملة “حسن شيخ محمود” الرئاسية ، الذي كانت تدعمه كوادر حركة “الإصلاح” الإخوانية، والتي تتخذ من عبارة “دم جديد” شعاراً لها والذي فاز في الانتخابات الرئاسية وقتذاك. علاوة على ذلك ، فإن الرئيس الحالي للصومال، محمد عبد الله محمد المعروف باسم فارماجو، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالدوحة. وفي خطوة مفاجئة في أغسطس 2019، قام فارماجو بترقية فهد ياسين، الذي كان ذات يوم مراسلًا للجزيرة القطرية في الصومال، إلى رئيس وكالة الاستخبارات والأمن الوطنية الصومالية! ويرتبط ياسين ارتباطًا وثيقًا بالمنظمات الإرهابية والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في منطقة القرن الإفريقي. وكان ضابط الاتصال الذي يحمل الأموال القطرية إلى الجهاديين في الصومال قبل أن يتولى أعلى منصب أمني في البلاد.

دور شبكة الجزيرة في دعم التنظيمات الإرهابية

صوت من لا صوت له”، عبر هذا الشعار، أصبحت قناة الجزيرة، الممولة من الحكومة القطرية، أحد الحواضن الرئيسية للجماعات والتنظيمات الإرهابية، كجماعة الإخوان والقاعدة وداعش. تبلورت توجهات الجزيرة بعد أن أصبحت النسخة الإخوانية من الدين الإسلامي أيديولوجية قطر الفعلية. حيث لعبت الجماعة الدور الرئيس في برمجة وصياغة الخط التحريري للقناة منذ انطلاقها في عام 1996، ما وفر دعمًا أيديولوجيًا متطرفاً للشبكة.

استطاعت قناة الجزيرة توفير صوت سهل للإسلاميين المتطرفين، ففي مارس 2018، وقع 19 عضوًا في الكونجرس من كلا الحزبين على خطاب يحث وزارة العدل الأمريكية على تطبيق قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا) فيما يتعلق بقناة الجزيرة. وقد استند موقف صناع القرار الأمريكيين إلى دراسات متعددة تشير إلى أن محتوى قناة الجزيرة غالبًا ما يخدم خطابات المجموعات الإسلامية المتعصبة والمتطرفة. يذكر أن قانون FARA، من القوانين التي وضعت خلال النصف الأول من القرن الماضي (1938)، لمواجهة الدعاية النازية بالأساس، لكنه بات يستهدف كل مؤسسة أو منظمة غير تجارية تعمل في السياسة وتمولها جهات أجنبية.

وقد حذر مدير مكتب قناة الجزيرة السابق في القاهرة، محمد فهمي، من أساليب الجزيرة المخادعة فيما يتعلق بصياغة محتوياتها وأخبارها بطريقة موجهة تخدم المتطرفين بشكل حصري. واستغلالها لشباب مصريين غير صحفيين في عملية جمع الأخبار” وتكشف هذه الشهادة الكثير حول توجهات الدوحة الراعية لهذه القناة. وبحسب شهادته، أجرت الجزيرة اتصالات بعدد كبير من طلاب ومواطنين متعاطفين مع الإخوان المسلمين، ومنحت كلًا منهم مبالغ مالية تراوحت ما بين 200 و300 دولار أمريكي، مقابل قيامهم بتصوير مشاهد موجهة لصالح الشبكة القطرية.

الجزيرة تحول القضايا السياسية لقضايا دينية

وقد استطاعت الجزيرة تحويل القضايا السياسية إلى قضايا دينية، للعب على المشاعر الدينية لدى المتابعين البسطاء، عبر استحضار رجال دين موالين لقطر وللحركات الإرهابية، واستخدامهم من أجل الترويج للاحتلال، كما فعلت في ليبيا وسوريا، وحاولت أن تفعله في مصر. وتقوم استراتيجية قناة الجزيرة القطرية على زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط عبر أربع خطوات رئيسية، هي: تقويض استقرار دول الشرق الأوسط، وترويج أفكار الإسلاميين أمام الشعوب والبسطاء، ودعم حركات جهادية مثل القاعدة وطالبان، والوقوف إلى جانب إيران في مواجهة العقوبات.

علاقة قناة الجزيرة بتنظيم داعش

تلعب قناة الجزيرة دوراً رئيسياً في دعم الجماعات الجهادية، وتقدم مادة إعلامية تستهدف جذب التعاطف مع الإرهابيين، ونشر الأفكار المتطرفة، سواء من خلال برامجها أو استضافة قائمة من الإرهابيين على شاشتها حيث استضافت أحد أبرز المدافعين عن تنظيم داعش الإرهابي ويدعى “حسين محمد حسين” في مناظرة ببرنامج الاتجاه المعاكس مع أحد الكتاب الأكراد ويدعى “شيرزاد اليزيدي”، حيث بدا للمتابعين انحياز مقدم البرنامج للأول بقوة اتباعا لسياسة القناة والتي تهاجم الأكراد. وترفض القناة إطلاق تسمية الإرهاب على تنظيم داعش، وعندما تذكر تنظيم داعش تقول “تنظيم الدولة الإسلامية” بدلا من كلمة تنظيم داعش، وتمتنع حتى من ذكر كلمة الإرهابي، أو أنه مُصنف على قوائم الإرهاب! وتستخدم هذا المصطلح في محاولة لإضفاء الشرعية على تنظيم داعش أمام المشاهد والقارئ العربي.

واستقبلت قناة الجزيرة خبر مقتل ابن زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، بتأثر واضح، جعل من المتابعين للقناة يعزون الجزيرة بمقتله. وفي عرضها لتقرير نشرته الجزيرة على موقعها الإلكتروني عن مقتل أحد أبناء البغدادي، اسمه حذيفة البدري، بدا واضحًا مدى تأثر القناة والقائمين على السياسة التحريرية فيها بمقتل الرجل. إذ نشرت القناة القطرية جزءًا من النعي الذي أصدره تنظيم داعش على وكالة “أعماق”. فيما كانت لغة الخطاب المستخدمة في التقرير عاطفية، كأن معد التقرير ينعى فيه مدنيًا بريئًا قُتل بحادث إرهابي! وعلى خلاف جميع القنوات الإخبارية العربية والعالمية، نقلت القناة مقتطفات من بيان النعي الذي نشره داعش في وكالة “أعماق”.

من بين المواقف الواضحة التي أظهرت دعم قطر لداعش، إدانتها للضربات الجوية المصرية على تنظيم داعش على خلفية قتل المصريين الأقباط على يد التنظيم الإرهابي. وتحرص دائما قناة الجزيرة على الترويج لفيديوهات، وعمليات داعش في سيناء، منها مثلاً ما أقدمت عليه القناة من إذاعة فيديو لتنظيم داعش، وهو ينفذ عمليات إرهابية في سيناء، بل كانت القناة الوحيدة التي تبث مثل تلك الفيديوهات، وتجنبت وصف هذا التنظيم بالإرهابي ولكن أطلقت عليه تنظيم الدولة.

علاقة الجزيرة بتنظيم القاعدة

دأبت قناة الجزيرة القطرية، على توظيف خطاب الكراهية، ودعم الجماعات الإرهابيةـ فالحصريات المرئية والمسجلة التي كان يرسلها زعيم القاعدة “أسامة بن لادن”، جعلت من الجزيرة قناة عالمية، تفوقت بأخبار ابن لادن على غيرها من القنوات الإعلامية في العالم. وانفردت في إيصال صوت زعيم القاعدة إلى العالم، وقامت أحيانًا بترجمة خطاباته إلى اللغة الإنجليزية، وأعادت بثها أكثر من مرة خلال اليوم، وإبقائها في صدارة نشرات الأخبار، لإيصال الرسالة التي يريد زعيم القاعدة إيصالها إلى مناصريه حول العالم، حتى أصبحت الجزيرة هي المنبر الوحيد للإرهابي رقم واحد عالميًا. وبلغ مقدار الثقة بين القناة وزعيم القاعدة أنه لم يكن يقابل سوى الإعلاميين المرسلين من قبل القناة، في كهوفه في أفغانستان وباكستان، مثل المراسلين تيسير علوني وأحمد توفيق زيدان، اللذين يعتبران الأقرب إلى زعيم التنظيم، والأكثر ثقة بالنسبة إليه ولباقي أفراد تنظيم القاعدة وقياداته.

إن دور قطر في إدارة الفوضى في الشرق الأوسط أمر ثابت لدى كل المتابعين، ويكشف عن طبيعة ما قد يؤدي إليه التغلغل القطري عبر أدواته في مؤسسات الدول سواء كانت أمنية أو استخباراتية أو من خلال الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الأهلية وشبكات الاتصال ووسائل الإعلام ومنظومات البيانات الشخصية والاستثمارات وغيرها. إن الدوحة تستعمل كل ذلك في الاستقطاب والتجنيد والتجييش والتخطيط لمشاريعها التخريبية بما في ذلك الأعمال الإرهابية ليس خدمة لأهدافها فقط، وإنما لضرب مصالح القوى ذات الأجندات المناقضة لأجنداتها وفي مقدمتها الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب.

زر الذهاب إلى الأعلى