في حواره الصحفي مع صحيفة “دى فيلت” الألمانية أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الأمن لا ينبغي أن يأتي على حساب الحرية حتى في بلد يعيش ظروفًا صعبة مثل مصر، نافيًا حبس أي شخص في مصر بسبب آرائه السياسية.
حيث قال السيسي إن النقد مسموح به للجميع، لكن يجب أن يكون “نقدا بناء وليس تحريضا”، مشددا على أن الاستقرار مهم للغاية، خاصة في بلد مثل مصر يبلغ تعداد سكانه 100 مليون نسمة ويشكل الشباب أكثر من 60% منه، مؤكدا “نريد دولة دستورية، لكن التحريض على الانقلاب أمر خطير وغير مقبول”.
وأوضح أن الأمن لا يجب أن يأتي على حساب الحرية: “لقد قطعت بلادك شوطا طويلا وهي الآن من بين أغنى البلدان في العالم.. مصر بعيدة عن ذلك”.
وأضاف السيسي أن ما لا يقل عن مليون شاب وشابة في مصر يدخلون سوق العمل كل عام.. وتسائل من أين تأتي هذه الوظائف؟ مشددا على أنه لا يمكن خلق تلك الوظائف إلا إذا استقر الوضع الأمني، وإلا فسينتشر الفوضى كما هو الحال في دول أخرى في المنطقة.
وقال: “لا يمكن خلق الوظائف إلا إذا ساعدتنا أوروبا في بناء الصناعات، حتى لو كانت تنافس صناعاتها، مضيفا أن أوروبا لا يمكنها استقبال كل مهاجر غير شرعي”.
وأكد الرئيس السيسي أننا منذ سبتمبر 2016 ، استطعنا منع المهاجرين غير الشرعيين من اقتحام أوروبا من مصر ، وكان من المهم بالنسبة لنا ألا يتأثر أمن أوروبا نتيجة لذلك.. مشددا على أننا “لا يمكننا وقف هذه الهجرة غير الشرعية عبر مصر إلا بتهيئة المناخ المناسب للأمن والاستقرار، ولا نطالب بأي شيء في المقابل من أوروبا.. نحن لا نفكر حتى في استخدامه للابتزاز السياسي أو الاقتصادي”.
وأضاف “في نفس الوقت لدينا ستة ملايين لاجئ في مصر من بينهم 500 ألف لاجئ من سوريا بالإضافة إلى عدد كبير من العراق واليمن والسودان وليبيا وإثيوبيا ودول إفريقية أخرى، ويرى الكثير منهم مصر دولة عبور فقط، لكننا لن نسمح لهم بالمضي قدمًا”.
وتابع الرئيس “إن اللاجئين فى مصر يعتبرون ضيوفًا ويتلقون نفس المعاملة التي يحصل عليها المصريون.. نحن نقدم لهم ما في وسعنا، حتى لقاحات الكورونا، ونحن ليس لدينا أي مخيمات للاجئين في مصر.. حيث يعيش اللاجئون هنا داخل المجتمع المصرى”.
وقال الرئيس السيسى إنه “لا أحد يستطيع معارضة شعب انتفض مرتين، في 2011 و 2013 ، للإطاحة بحكومتين ويمكن للناس أن ينهضوا للمرة الثالثة أو الرابعة إذا اختلفوا مع الحكم، كان مبارك في السلطة لمدة 30 عامًا قبل أن ينقلب الناس ضده؛ بقي مرسى في منصبه لمدة عام واحد فقط قبل أن يزيحه الشعب، مشددا على أن “المصريين لديهم إرادة حرة وقوة لطرد أي حكومة لا يحبونها”.
وأضاف السيسي “خلال الاستعدادات للانتخابات، لطالما دعونا الصحفيين والمنظمات المدنية لضمان إجراء الانتخابات بشكل صحيح، ونحن على ثقة من ضرورة تواجدهم لضمان أن تكون انتخاباتنا نزيهة”.
وتابع السيسي “إن سفارة الولايات المتحدة رحبت بالانتخابات التي أجريت فى مصر وأكدت موضوعية انتخاباتنا ومصداقيتها”.
وشدد الرئيس على إرادة المصريين القوية، قائلا “بعد 2011 و 2013 لا أحد يستطيع أن يحكم المصريين رغما عنهم.. فالمصريون لديهم إرادة قوية جدا.. ومن ثم منذ ذلك الحين لم يستطع أحد أن يفرض حكومة على المصريين”.
وفيما يتعلق بمزاعم عدد من المنظمات بوجود عدد كبير من السجناء السياسيين فى مصر قال الرئيس السيسى “نحن لا نحبس أحدا بسبب آرائه السياسية. لكن لا تنسوا أننا مع الإخوان نتعامل مع جماعة تعمل منذ 90 عاما لتصل إلى السلطة في مصر. وعندما فعلوا ذلك ، وقف الشعب ضدهم بعد عام. الإخوان المسلمون لم يكونوا متعاطين مع المشاكل الضخمة في البلاد”.
وتابع الرئيس “أردت أن أمنع المصريين من السقوط فى هذا حتى لا تسقط مصر مثل الدول الأخرى، نريد أن نصبح دولة دستورية. فكل ما في الأمر أننا دولة يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة ونواجه واقعا قاسيا.
وشدد الرئيس السيسي “نفعل الكثير حتى يحصل الجميع على العدالة في المحكمة، وليس لدينا أي سجناء سياسيين، فالأمر يتعلق بادعاءات محددة يتم توضيحها في الإطار القانوني، حتى لو استغرق ذلك أحيانًا أكثر من عام، وكان لدينا سابقًا فوضى كاملة ونعمل الآن على البناء والاستقرار” . وأضاف هناك أشياء يتعين علينا فيها كدولة أن نحاول ألا نذهب بعيدًا، لكن بناء دولة فاعلة يستغرق وقتًا.
وتحدث الرئيس السيسي عن أهمية الحصول على تعليم جيد حتى يتمكن المصريون من التمييز بين حرية التعبير.. لتفادي الفوضى.
ووجه حديثه للمحاورة :”هل أنت مستعدة في أوروبا لمساعدتنا حتى نتمكن أيضًا من الحصول على مستوى تعليمي كما هو الحال في أوروبا؟ أو نظام صحي جيد مثل نظامك؟” مؤكدا أنه لم يعاقب أي شخص في بلادنا على حرية التعبير.
واستطرد قائلا “هل أنت تريدين فقط تطبيق معاييرك الخاصة للحرية والديمقراطية؟ أم يجب عليك أولا أن تنظري إلى حالة الشعب المصري وترين كيف يعيش الفقراء وغير المتعلمين.. لا أريد أن أطلب الدعم من أجلهم، ولكن أعطنا بعضًا من معرفتك، صناعتك، تقنيتك.. نريد أن نشارك في تقدمك، تمامًا كما تريدين منا أن نتبنى أفكارك عن الحرية”.
وقال الرئيس السيسي إن مصر كانت رائدة في صنع السلام مع إسرائيل، عندما نلتقي في الاجتماعات الإسرائيلية نقول لهم أن أهم شيء هو القضية الفلسطينية، بعدها يمكن لإسرائيل أن تناقش الأمور الأخرى.
وشدد السيسي :”إذا كانت هناك دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، فسيكون ذلك أيضًا ضمانة لأمن المواطنين الإسرائيليين، وليس فقط للفلسطينيين، ولهذا فنحن نعمل أيضا على الدعم للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية حتى تؤدي المحادثات إلى حلول ملموسة”.
وردا على سؤال حول المفاوضات الجديدة حول الاتفاق النووي مع إيران ومساعى الاخيرة النووية، قال الرئيس السيسي “القنبلة الحقيقية هي التقدم، التقدم السياسي، التقدم البشري، التقدم في الحرية، في الديمقراطية.. لذا فإن امتلاك أسلحة نووية ليس السبيل لتحقيق التقدم أو القوة للشعوب، فألمانيا ليس لديها قنبلة ذرية ولا تزال واحدة من القوى العظمى.. إننا ننظر بإعجاب كبير إلى التقدم الذي أحرزه الألمان ونود التعلم منه”.
وعرض الرئيس شريطا يظهر فقر سكان الريف.. متسائلا وهل يجب علينا شراء أسلحة نووية؟ موجها حديثه لمحررة المجلة، قائلا” كنت أود أن تسأليني كيف يمكنني أن يتم تغيير هذا الواقع”.
وتساءل الرئيس: “كيف لي أن أجلس هنا وأترك الناس في بؤس، هذا ما نفعله الآن وسنفعله.. لكن مصر لديها مشكلات منذ 70 عامًا دون أن يكلف أحد عناء إيجاد حل لها.. والآن علي أن أجد الحلول في أقصر وقت ممكن حتى لا يعاني الناس أكثر”.
وأضاف الرئيس “لقد وضعت 250 ألف أسرة تعيش في الشارع في شقق مجهزة بالكامل”.
كما أعرب الرئيس السيسي عن سروره لكون من يجري معه المقابلة امرأة.. مبرزا المكانة التي تتبوؤها المرأة في مصر والدور الذي تقوم به، مشيرا إلى أن هناك 162 امرأة في البرلمان المصري، أي ما يزيد قليلاً على ربع عدد أعضائه، وهذا تطور كبير في مصر. وقال “لدينا أيضًا ثماني وزيرات في مجالات رئيسية والعديد من المحافظات”.
وأشار أيضًا إلى الدور الذي لعبته المرأة خلال التظاهرات التي نادت بإسقاط جماعة الإخوان الإرهابية، حيث قادت النساء المظاهرات التي أدت إلى سقوط مرسي، كما قدمت النساء تضحيات حتى يمكن البدء في الإصلاحات الاقتصادية.