تقرير .. قراءة في تأصيل المبادئ الحاكمة للفكر المتطرف الإخواني
تقرير .. قراءة في تأصيل المبادئ الحاكمة للفكر المتطرف الإخواني
نتعرض في التقرير التالي بالشرح والتحليل لأبرز المبادئ الفكرية التي تبنتها الحركات الأصولية القديمة والمعاصرة، واعتمدتها كأسلوب أو كمنهجية للتعامل مع الآخر، وعندما نقول الآخر نقصد المجتمع ككل، فأعضاء هذه الحركات ينظرون للمجتمع ككل على أنه مجتمع غير مسلم وكأن الإسلام مقتصر على أعضاء الحركة أو التنظيم فقط لا غير.
ومن ثم تنبع مسؤولية كل عضو منهم في نشر الإسلام في المجتمع (الكافر من وجهه نظرهم) بشتى الطرق.
الحاكمية
لم يكن سيد قطب مبتدعاً في طرح تصورات فكرية إسلامية أصولية، فكانت هناك إرهاصات تسبقه بخطوات قليلة أثرت بشكل أو بآخر في تشكله الفكري الأصولي، كان أبرزها أطروحات ورؤى وأفكار العالم المسلم الشهير أبي الأعلى المودودي، والذي كان له عميق الأثر على التكون المعرفي والمنظور الإسلامي لسيد قطب.
يذهب المودودي إلى أن في سبيل الوصول إلى تحقيق “توحيد الحاكمية” هو استخدام السبل والآليات كافة لتحقيق تلك الغاية، وذلك لكون الإسلام يعارض الممالك القائمة على المبادئ المناقضة للإسلام.
مكمن الأمر هنا ليس فرض العقيدة الإسلامية على غير المسلمين وإجبارهم على اعتناق مبادئ الإسلام وإنما انتزاع زمام الأمر ممن يؤمنون بالمبادئ والنظم الباطلة من أجل تسيير الأمور.
وترتكز الحاكمية في ثوبها القطبي على دعامتين رئيستين، أولهما: إيضاح طبيعة الحاكمية وصيغها وآلياتها المتمثلة في كونها تعني أن الله هو الحاكم الأوحد ذو السلطة المطلقة، نابعة من أن الله هو الخالق للكون وللإنسان، وأنه مستحق للعبادة والطاعة، والطاعة حق ينفرد به الخالق حصرياً.
أما الدعامة الثانية: تتمثل في التمكين وكيف يتأتى ذلك من خلال تحصيل القوة اللازمة لتقويم المجتمعات وحملها على التحاكم إلى شريعة الله، وفي هذا يقول سيد قطب في الظلال: “إن هذا الدين إعلان عام لتحرير الإنسان في الأرض من العبودية للعباد، ومن العبودية لهواه أيضاً، وهي من العبودية للعباد، وذلك بإعلان ألوهية الله وحده (سبحانه) وربوبيته للعالمين.
الجماعة المؤمنة
تعتبر هذه واحدة من المفاهيم التي شكلت بطبيعتها خطوطا لتقسيم المجتمع على أسس دينية داخل اتباع الدين الواحد بل والمذهب الواحد، حيث قامت على خلق ما يُعرف بـ “جماعة المسلمين”، أو المؤمنين”، أو “السلف”، أو “الطائفة المؤمنة”، في مواجهة “الكفار”، أو “ذوي العقيدة الفاسدة”، أو حالة “الجاهلية الأولى”.
يستوي في ذلك الإخوان المسلمين مع غيرهم من الجماعات التكفيرية أو الدعوية أو جماعات السلفية الجهادية، بدرجات مختلفة قربا أو بعدا من درجة تكفيرهم الضمني أو الصريح للفرد والمجتمع والدولة، على سبيل المثال: ارتكزت التيارات السلفية إلى مفهوم أتباع السلف الصالح في مواجهة أصحاب العقائد الفاسدة من التيارات الأخرى بما فيها التيارات الدينية الأخرى مثل المتصوفة.
لقد اكتسبت مفهوم “الجماعة” أهمية خاصة منذ أن خرجت “الجماعة الإسلامية” في أوائل السبعينات من كليات القاهرة في مساحة الحرية التي منحها الرئيس المصري “أنور السادات” للإخوان المسلمين بعد سنوات من التضييق عليهم في عصر جمال عبدالناصر، لينتشر فيما بعد مصطلح “الجماعات” كالفطر في أنحاء عديدة من العالمين العربي والإسلامي.
جدير بالذكر أنه رغم احتفاء النص الديني بـ “الجماعة”، والتطور الذي عرفه في تاريخياً بشكل متعمد عبر طغيان مفهوم الجماعة.
تكفير المجتمع الجاهلي
الإسلام عند سيد قطب لا يعرف إلا نوعين من المجتمعات، مجتمع إسلامي ومجتمع جاهلي، المجتمع الإسلامي: هو الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة، شريعة ونظاما، وخلقا وسلوكا.
المجتمع الجاهلي: هو المجمتع الذي لا يطبق فيه الإسلام ولا تحكه تصوراته وقيمه وموازينه ونظامه وشرائعه، وخلقه وسلوكه.
ويرى سيد قطب أن المجتمع الجاهلي هو أي مجتمع غير المجتمع المسلم، أي كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده، متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي وفي الشعائر التعبدية.
وإذا أردنا تلخيص نظرية الحاكمية عند سيد قطب والمودودي فعلينا ربطها بتكفير المجتمع الجاهلي، فنقول: إنها تكفير للمجتمعات كلها، بما فيها المجتمعات المسلمة واعتبارها “جاهلية” تعبد غير الله بسبب طاعتها لأنظمة لا تطيع الله و تقيم الشرع، وتتخذ أنفسها من دون الله إربابا، وكذلك بسبب قبولها بتشريعات وضعها بشر وأنظمة غير الله.
كما يدعو قطب إلى ثورة شاملة على حاكمية البشر لتحطيم مملكة البشر وإقامة مملكة الله في الأرض وذلك بإزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر.
الكذب المبرر باستخدام مبدأ التقية
للإخوان المسلمين مرشد هو بمثابة الأب الروحي لهم وهو يشابه في وجوده المرشد الروحي في إيران، ويتشابه الإخوان المسلمين مع الإيرانيين في استخدام للتقية.
فما هو مبدأ التقية؟
المبدأ في الأصل هو مبدأ شيعي، والتقية تأتي بمعنى الزندقة والنفاق كلها نفس المعنى ألا وهو إظهار المحبة وإخفاء الكره والزندقة أو إظهار الإسلام وإبطان الكفر.
عرفها أحد علمائهم المعاصرين بقوله (التقية) هي أن يقول الإنسان أو يفعل غير ما يعتقد لكي يدفع الضرر عن نفسه أو ماله أو ليحتفظ بكرامته.